responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 344
لَا آخُذُ مِنْ مُشْرِكٍ صَدَقَةً. فَلَحِقَ بَعْضُهُمْ بِالرُّومِ، فَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ زُرْعَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنَّ الْقَوْمَ لَهُمْ بَأْسٌ وَشِدَّةٌ، وَهُمْ عَرَبٌ يَأْنَفُونَ مِنْ الْجِزْيَةِ، فَلَا تُعِنْ عَلَيْك عَدُوَّك بِهِمْ، وَخُذْ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ بِاسْمِ الصَّدَقَةِ. فَبَعَثَ عُمَرُ فِي طَلَبِهِمْ، فَرَدَّهُمْ، وَضَعَّفَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْإِبِلِ مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاتَيْنِ، وَمِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعَيْنِ، وَمِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا دِينَارًا، وَمِنْ كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَفِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْخُمُسَ، وَفِيمَا سُقِيَ بِنَضْحٍ أَوْ غَرْبٍ أَوْ دُولَابٍ الْعُشْرَ. فَاسْتَقَرَّ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَصَارَ إجْمَاعًا.
وَقَالَ بِهِ الْفُقَهَاءُ بَعْدَ الصَّحَابَةِ؛ مِنْهُمْ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيُّ. وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ أَبَى عَلَى نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ إلَّا الْجِزْيَةَ، وَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ إلَّا الْجِزْيَةَ، وَإِلَّا فَقَدْ آذَنْتُكُمْ بِالْحَرْبِ. وَالْحُجَّةُ لِهَذَا عُمُومُ الْآيَةِ فِيهِمْ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: لَئِنْ تَفَرَّغْت لِبَنِي تَغْلِبَ لَيَكُونَن لِي فِيهِمْ رَأْيٌ، لِأَقْتُلَن مُقَاتِلَتَهُمْ، وَلِأَسْبِيَن ذَرَارِيَّهُمْ، فَقَدْ نَقَضُوا الْعَهْدَ، وَبَرِئَتْ مِنْهُمْ الذِّمَّةُ حِينَ نَصَّرُوا أَوْلَادَهُمْ. وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ لَا يُنَصِّرُوا أَوْلَادَهُمْ. وَالْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْإِجْمَاعِ وَأَمَّا الْآيَةُ، فَإِنَّ هَذَا الْمَأْخُوذَ مِنْهُمْ جِزْيَةٌ بِاسْمِ الصَّدَقَةِ، فَإِنَّ الْجِزْيَةَ يَجُوزُ أَخْذُهَا مِنْ الْعُرُوضِ.

[فَصْلٌ تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مُضَاعَفَةً مِنْ مَالِ مَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ]
(7670) فَصْلٌ: قَالَ أَصْحَابُنَا: تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مُضَاعَفَةً مِنْ مَال مَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ. وَذُكِرَ أَنَّهُ قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ. فَعَلَى هَذَا، تُؤْخَذُ مِنْ مَالِ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ وَمَجَانِينِهِمْ وَزَمْنَاهُمْ وَمَكَافِيفِهِمْ وَشُيُوخِهِمْ، إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يُوجِبُ الزَّكَاةَ فِي مَالِ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ، فَكَذَا الْوَاجِبُ عَلَى بَنِي تَغْلِبَ، لَا يَجِبُ فِي مَالِ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ، إلَّا فِي الْأَرْضِ خَاصَّةً.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ هَذَا جِزْيَةٌ تُؤْخَذُ بِاسْمِ الصَّدَقَةِ، فَلَا تُؤْخَذُ مِمَّنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ، كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ. قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: هَؤُلَاءِ حَمْقَى، رَضُوا بِالْمَعْنَى، وَأَبَوْا الِاسْمَ. وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ زُرْعَةَ خُذْ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ بِاسْمِ الصَّدَقَةِ.
وَلِأَنَّهُمْ أَهْلُ ذِمَّةٍ، فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ جِزْيَةً لَا صَدَقَةً، كَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لِحَقْنِ دِمَائِهِمْ وَمَسَاكِنِهِمْ، فَكَانَ جِزْيَةً، كَمَا لَوْ أُخِذَ بِاسْمِ الْجِزْيَةِ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ الزَّكَاةَ طُهْرَةٌ، وَهَؤُلَاءِ لَا طُهْرَةَ لَهُمْ. فَعَلَى هَذَا، يَكُونُ مَصْرِفُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُمْ مَصْرِفَ الْفَيْءِ، لَا مَصْرِفَ الصَّدَقَاتِ، وَهَذَا أَقْيَسُ. وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّهُمْ سَأَلُوا عُمَرَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ مَا يَأْخُذُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ. فَأَجَابَهُمْ عُمَرُ إلَيْهِ بَعْدَ الِامْتِنَاعِ مِنْهُ،

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 344
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست