responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 293
يَعْنِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مَنْ دَخَلَ أَرْضَ الْعَدُوِّ بِأَمَانٍ، فَأَمَّا إنْ كَانَ فِي جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ، فَمُبَاحٌ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ أَبَا بَكْرٍ أَسْمَاءَ ابْنَةَ عُمَيْسٍ، وَهُمْ تَحْتَ الرَّايَاتِ» . أَخْرَجَهُ سَعِيدٌ. وَلِأَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَدَ لَهُمْ عَلَيْهِ، فَأَشْبَهَ مَنْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.
وَأَمَّا الْأَسِيرُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّزَوُّجُ مَا دَامَ أَسِيرًا، لِأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ وَطْءِ امْرَأَتِهِ إذَا أُسِرَتْ مَعَهُ، مَعَ صِحَّةِ نِكَاحِهِمَا. وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِلْأَسِيرِ أَنْ يَتَزَوَّجَ، مَا كَانَ فِي أَيْدِي الْعَدُوِّ. وَكَرِهَ الْحَسَنُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَا دَامَ فِي أَرْضِ الْمُشْرِكِينَ؛ لِأَنَّ الْأَسِيرَ إذَا وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ كَانَ رَقِيقًا لَهُمْ، وَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ غَيْرُهُ مِنْهُمْ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ أَسِيرٍ اشْتَرَيْت مَعَهُ امْرَأَتُهُ، أَيَطَؤُهَا؟ فَقَالَ: كَيْفَ يَطَؤُهَا، فَلَعَلَّ غَيْرَهُ مِنْهُمْ يَطَؤُهَا، قَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْت لَهُ: وَلَعَلَّهَا تَعْلَقُ بِوَلَدٍ، فَيَكُونُ مَعَهُمْ.
قَالَ: وَهَذَا أَيْضًا. وَأَمَّا الَّذِي يَدْخُلُ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ، كَالتَّاجِرِ وَنَحْوِهِ، فَهُوَ الَّذِي أَرَادَ الْخِرَقِيِّ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَلَا يَنْبَغِي لَهُ التَّزَوُّجُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ تَأْتِيَ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ فَيَسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ، وَرُبَّمَا نَشَأَ بَيْنَهُمْ، فَيَصِيرُ عَلَى دِينِهِمْ. فَإِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الشَّهْوَةُ، أُبِيحَ لَهُ نِكَاحُ مُسْلِمَةٍ؛ لِأَنَّهَا حَالُ ضَرُورَةٍ، وَيَعْزِلُ عَنْهَا، كَيْ لَا تَأْتِيَ بِوَلَدٍ. وَلَا يَتَزَوَّجُ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ امْرَأَتَهُ إذَا كَانَتْ مِنْهُمْ، غَلَبَتْهُ عَلَى وَلَدِهَا، فَيَتْبَعُهَا عَلَى دِينِهَا.
وَقَالَ الْقَاضِي، فِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: هَذَا نَهْيُ كَرَاهَةٍ، لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24] . وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الْحِلُّ، فَلَا يَحْرُمُ بِالشَّكِّ وَالتَّوَهُّمِ، وَإِنَّمَا كَرِهْنَا لَهُ التَّزَوُّجَ مِنْهُمْ مَخَافَةَ أَنْ يَغْلِبُوا عَلَى وَلَدِهِ، فَيَسْتَرِقُّوهُ، وَيُعَلِّمُوهُ الْكُفْرَ، فَفِي تَزْوِيجِهِ تَعْرِيضٌ لِهَذَا الْفَسَادِ الْعَظِيمِ، وَازْدَادَتْ الْكَرَاهَةُ إذَا تَزَوَّجَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ امْرَأَتَهُ تَغْلِبُهُ عَلَى وَلَدِهَا، فَتُكَفِّرُهُ، كَمَا أَنَّ حُكْمَ الْإِسْلَامِ تَغْلِيبُ الْإِسْلَامِ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ، أَوْ تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيَّةً، وَإِذَا اشْتَرَى مِنْهُمْ جَارِيَةً، لَمْ يَطَأْهَا فِي الْفَرْجِ فِي أَرْضِهِمْ، مَخَافَةَ أَنْ يَغْلِبُوهُ عَلَى وَلَدِهَا، فَيَسْتَرِقُّوهُ، وَيُكَفِّرُوهُ.

[فَصْلٌ فِي الْهِجْرَةِ]
ِ: وَهِيَ الْخُرُوجُ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: 97] . الْآيَاتِ. وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ مُسْلِمٍ بَيْنَ مُشْرِكَيْنِ،

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 293
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست