responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 290
نَحْلًا، وَلَا تُغْرِقَنَّهُ، وَلَا تَغْلُلْ، وَلَا تَجْبُنْ. وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ قَتْلِ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَابِّ صَبْرًا» . وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ ذُو حُرْمَةٍ، فَأَشْبَهَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ.
وَأَمَّا حَالُ الْحَرْبِ. فَيَجُوزُ فِيهَا قَتْلُ الْمُشْرِكِينَ كَيْفَ أَمْكَنَ، بِخِلَافِ حَالِهِمْ إذَا قُدِرَ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا جَازَ قَتْلُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي الْبَيَاتِ، وَفِي الْمَطْمُورَةِ، إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ قَتْلَهُمْ مُنْفَرِدِينَ، بِخِلَافِ حَالَةِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ، وَقَتْلِ بَهَائِمِهِمْ يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى قَتْلِهِمْ وَهَزِيمَتِهِمْ. وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ الْمَدَدِيِّ الَّذِي عَقَرَ بِالرُّومِيِّ فَرَسَهُ.
وَرُوِيَ أَنَّ حَنْظَلَةَ بْنَ الرَّاهِبِ، عَقَرَ فَرَسَ أَبِي سُفْيَانَ بِهِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَرَمَتْ بِهِ، فَخَلَّصَهُ ابْنُ شَعُوبٍ وَلَيْسَ فِي هَذَا خِلَافٌ.
(7582) فَصْلٌ: فَأَمَّا عَقْرُهَا لِلْأَكْلِ، فَإِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَيْهِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ، فَمُبَاحٌ، بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تُبِيحُ مَالَ الْمَعْصُومِ، فَمَالُ الْكَافِرِ أَوْلَى. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَيْهِ نَظَرْنَا؛ فَإِنْ كَانَ الْحَيَوَانُ لَا يُرَادُ إلَّا لِلْأَكْلِ، كَالدَّجَاجِ وَالْحَمَامِ وَسَائِرِ الطَّيْرِ وَالصَّيْدِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الطَّعَامِ. فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِغَيْرِ الْأَكْلِ، وَتَقِلُّ قِيمَتُهُ، فَأَشْبَهَ الطَّعَامَ.
وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْقِتَالِ، كَالْخَيْلِ، لَمْ يُبَحْ ذَبْحُهُ لِلْأَكْلِ، فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، كَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ، لَمْ يُبَحْ فِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ. وَقَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ إبَاحَتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَيَوَانَ مِثْلُ الطَّعَامِ فِي بَابِ الْأَكْلِ وَالْقُوتِ، فَكَانَ مِثْلَهُ فِي إبَاحَتِهِ. وَإِذَا ذَبَحَ الْحَيَوَانَ، أَكَلَ لَحْمَهُ، وَلَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ مَا يَأْكُلُهُ دُونَ غَيْرِهِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: كُلُوا لَحْمَ الشَّاةِ، وَرُدُّوا إهَابَهَا إلَى الْمَغْنَمِ. وَلِأَنَّ هَذَا حَيَوَانٌ مَأْكُولٌ، فَأُبِيحَ أَكْلُهُ، كَالطَّيْرِ.
وَوَجْهُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، مَا رَوَى سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ «ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَصَبْنَا غَنَمًا لِلْعَدُوِّ، فَانْتَهَبْنَا، فَنَصَبْنَا قُدُورَنَا، فَمَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقُدُورِ وَهِيَ تَغْلِي، فَأَمَرَ بِهَا فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: إنَّ النُّهْبَةَ لَا تَحِلُّ» . وَلِأَنَّ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ تَكْثُرُ قِيمَتُهَا، وَتَشِحُّ أَنْفُسُ الْغَانِمِينَ بِهَا، وَيُمْكِنُ حَمْلُهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ الطَّيْرِ وَالطَّعَامِ، لَكِنْ إنْ أَذِنَ الْأَمِيرُ فِيهَا جَازَ؛ لِمَا رَوَى عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: كُنَّا إذَا خَرَجْنَا فِي سَرِيَّةٍ، فَأَصَبْنَا غَنَمًا، نَادَى مُنَادِي الْإِمَامِ: أَلَا مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَنَاوَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْغَنَمِ فَلْيَتَنَاوَلْ، إنَّا لَا نَسْتَطِيعُ سِيَاقَتَهَا. رَوَاهُ سَعِيدٌ.
وَكَذَلِكَ إنْ قَسَمَهَا؛ لِمَا رَوَى مُعَاذٌ، قَالَ: «غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْبَرَ، فَأَصَبْنَا غَنَمًا، فَقَسَمَ بَيْنَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَائِفَةً، وَجَعَلَ بَقِيَّتَهَا فِي الْمَغْنَمِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 290
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست