responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 282
فَيَشْتَرِكُونَ، كَمَا لَوْ غَنِمَ أَحَدُ جَانِبَيْ الْجَيْشِ.
وَإِنْ أَقَامَ الْأَمِيرُ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ، وَبَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا، فَمَا غَنِمَتْ السَّرِيَّةُ فَهُوَ لَهَا وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِكُ الْمُجَاهِدُونَ، وَالْمُقِيمُ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ لَيْسَ بِمُجَاهِدٍ. وَإِنْ نَفَّذَ مِنْ بَلَدِ الْإِسْلَامِ جَيْشَيْنِ أَوْ سَرِيَّتَيْنِ، فَكُلُّ وَاحِدَةٍ تَنْفَرِدُ بِمَا غَنِمَتْهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا انْفَرَدَتْ بِالْغَزْوِ، فَانْفَرَدَتْ بِالْغَنِيمَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَصَلَ الْجَيْشُ، فَدَخَلَ بِجُمْلَتِهِ بِلَادَ الْكُفَّارِ، فَإِنَّ جَمِيعَهُمْ اشْتَرَكُوا فِي الْجِهَادِ، فَاشْتَرَكُوا فِي الْغَنِيمَةِ.

[مَسْأَلَة فَضَلَ مَعَهُ مِنْ الطَّعَامِ فَأَدْخَلَهُ الْبَلَدَ]
(7563) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ فَضَلَ مَعَهُ مِنْ الطَّعَامِ، فَأَدْخَلَهُ الْبَلَدَ، طَرَحَهُ فِي مَقْسَم تِلْكَ الْغَزَاةِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) وَالْأُخْرَى، يُبَاحُ لَهُ أَكْلُهُ إذَا كَانَ يَسِيرًا. أَمَّا الْكَثِيرُ، فَيَجِبُ رَدُّهُ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مُبَاحًا لَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِذَا أَخَذَهُ عَلَى وَجْهٍ يَفْضُلُ مِنْهُ كَثِيرٌ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَقَدْ أَخَذَ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَحْرِيمُهُ، لِكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْغَانِمِينَ، كَسَائِرِ الْمَالِ.
وَإِنَّمَا أُبِيحَ مِنْهُ مَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ، فَمَا زَادَ يَبْقَى عَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ، وَلِهَذَا لَمْ يُبَحْ لَهُ بَيْعُهُ. وَأَمَّا الْيَسِيرُ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يَجِبُ رَدُّهُ أَيْضًا، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْكَثِيرِ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَدُّوا الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ» .
وَلِأَنَّهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَلَمْ يُقْسَمْ، فَلَمْ يُبَحْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَالْكَبِيرِ، أَوْ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. وَالثَّانِيَةُ، يُبَاحُ. وَهُوَ قَوْلُ مَكْحُولٍ، وَخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ. قَالَ أَحْمَدُ: أَهْلُ الشَّامِ يَتَسَاهَلُونَ فِي هَذَا. وَقَدْ رَوَى الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: كُنَّا نَأْكُلُ الْجَزُورِ فِي الْغَزْوِ، وَلَا نَقْسِمُهُ، حَتَّى أَنْ كُنَّا لِنَرْجِعَ إلَى رِحَالِنَا وَأَخْرِجَتُنَا مُمْلَأَةٌ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَأَبُو دَاوُد.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: دَخَلْت عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدَّمَ إلَيَّ تُمَيْرًا مِنْ تُمَيْرِ الرُّومِ، فَقُلْت: لَقَدْ سَبَقْت النَّاسَ بِهَذَا. قَالَ: لَيْسَ هَذَا مِنْ الْعَامِ، هَذَا مِنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، فِي " سُنَنِهِ ". وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: أَدْرَكْت النَّاسَ يَقْدَمُونَ بِالْقَدِيدِ، فَيُهْدِيه بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ، لَا يُنْكِرُهُ إمَامٌ وَلَا عَامِلٌ وَلَا جَمَاعَةٌ. وَهَذَا نَقْلٌ لِلْإِجْمَاعِ.
وَلِأَنَّهُ أُبِيحَ إمْسَاكُهُ عَنْ الْقِسْمَةِ، فَأُبِيحَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، كَمُبَاحَاتِ دَارِ الْحَرْبِ الَّتِي لَا قِيمَةَ لَهَا فِيهَا. وَيُفَارِقُهُ الْكَبِيرَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إمْسَاكُهُ عَنْ الْقِسْمَةِ، وَلِأَنَّ الْيَسِيرَ تَجْرِي الْمُسَامَحَةُ فِيهِ، وَنَفْعُهُ قَلِيلٌ، بِخِلَافِ الْكَثِيرِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست