responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 26
الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَعَنْهُ، لَا يَصِحُّ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالِاعْتِقَادِ وَالْقَصْدِ، وَالسَّكْرَانُ لَا يَصِحُّ عَقْدُهُ وَلَا قَصْدُهُ، فَأَشْبَهَ الْمَعْتُوهَ، وَلِأَنَّهُ زَائِلُ الْعَقْلِ، فَلَمْ تَصِحَّ رِدَّتُهُ كَالنَّائِمِ، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، فَلَمْ تَصِحَّ رِدَّتُهُ كَالْمَجْنُونِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، أَنَّ الْعَقْلَ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ، وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي حَقِّهِ، وَلِهَذَا لَمْ تَصِحَّ اسْتِتَابَتُهُ.
وَلَنَا، أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، قَالُوا فِي السَّكْرَانِ: إذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، فَحَدُّوهُ حَدَّ الْمُفْتَرِي. فَأَوْجَبُوا عَلَيْهِ حَدَّ الْفِرْيَةِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا فِي سُكْرِهِ، وَأَقَامُوا مَظِنَّتَهَا مُقَامَهَا، وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، فَصَحَّتْ رِدَّتُهُ كَالصَّاحِي. وَقَوْلُهُمْ " لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ " مَمْنُوعٌ فَإِنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَيَأْثَمُ بِفِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ. وَهَذَا مَعْنَى التَّكْلِيفِ، وَلِأَنَّ السَّكْرَانَ لَا يَزُولُ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلِهَذَا يَتَّقِي الْمَحْذُورَاتِ، وَيَفْرَحُ بِمَا يَسُرُّهُ، وَيُسَاءُ بِمَا يَضُرُّهُ، وَيَزُولُ سُكْرُهُ عَنْ قُرْبٍ مِنْ الزَّمَانِ، فَأَشْبَهَ النَّاعِسَ، بِخِلَافِ النَّائِمِ وَالْمَجْنُونِ، وَأَمَّا اسْتِتَابَتُهُ فَتُؤَخَّرُ إلَى حِينِ صَحْوِهِ، لِيَكْمُلَ عَقْلُهُ، وَيَفْهَمَ مَا يُقَالُ لَهُ، وَتُزَالَ شُبْهَتُهُ إنْ كَانَ قَدْ قَالَ الْكُفْرَ مُعْتَقِدًا لَهُ، كَمَا تُؤَخَّرُ اسْتِتَابَتُهُ إلَى حِينِ زَوَالِ شِدَّةِ عَطَشِهِ وَجُوعِهِ، وَيُؤَخَّرُ الصَّبِيُّ إلَى حِينِ بُلُوغِهِ وَكَمَالِ عَقْلِهِ، وَلِأَنَّ الْقَتْلَ جُعِلَ لِلزَّجْرِ، وَلَا يَحْصُلُ الزَّجْرُ فِي حَالِ سُكْرِهِ.
وَإِنْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ فِي حَالِ سُكْرِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّ عِصْمَتَهُ زَالَتْ بِرِدَّتِهِ. وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ، لَمْ يَرِثْهُ وَرَثَتُهُ، وَلَا يَقْتُلُهُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، ابْتِدَاؤُهَا مِنْ حِينِ ارْتَدَّ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ سُكْرُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ، لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يَصْحُوَ، ثُمَّ يُسْتَتَابَ عَقِيبَ صَحْوِهِ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ فِي الْحَالِ. وَإِنْ أَسْلَمَ فِي سُكْرِهِ صَحَّ إسْلَامُهُ، ثُمَّ يُسْأَلُ بَعْدَ صَحْوِهِ، فَإِنْ ثَبَتَ عَلَى إسْلَامِهِ، فَهُوَ مُسْلِمٌ مِنْ حِينِ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّ إسْلَامَهُ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَفَرَ فَهُوَ كَافِرٌ مِنْ الْآنَ؛ لِأَنَّ إسْلَامَهُ صَحَّ، وَإِنَّمَا يُسْأَلُ اسْتِظْهَارًا، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ إسْلَامِهِ فِي سُكْرِهِ، مَاتَ مُسْلِمًا.

[فَصْل إسْلَامُ السَّكْرَانِ]
(7119) فَصْلٌ: وَيَصِحُّ إسْلَامُ السَّكْرَانِ فِي سُكْرِهِ؛ سَوَاءٌ كَانَ كَافِرًا أَصْلِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّتْ رِدَّتُهُ مَعَ أَنَّهَا مَحْضُ مَضَرَّةٍ، وَقَوْلُ بَاطِلٍ، فَلَأَنْ يَصِحَّ إسْلَامُهُ، الَّذِي هُوَ قَوْلُ حَقٍّ، وَمَحْضُ مَصْلَحَةٍ، أَوْلَى. فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إسْلَامِهِ، وَقَالَ: لَمْ أَدْرِ مَا قُلْت. لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى مَقَالَتِهِ، وَأُجْبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَسْلَمَ، وَإِلَّا قُتِلَ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يَصِحَّ إسْلَامُهُ، بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ رِدَّتَهُ لَا تَصِحُّ، فَإِنَّ مَنْ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ، لَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ، كَالطِّفْلِ وَالْمَعْتُوهِ.

[فَصْلٌ رِدَّةُ الْمَجْنُونِ]
(7120) فَصْلٌ: وَلَا تَصِحُّ رِدَّةُ الْمَجْنُونِ وَلَا إسْلَامُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا قَوْلَ لَهُ. وَإِنْ ارْتَدَّ فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ جُنَّ، لَمْ يُقْتَلْ فِي حَالِ جُنُونِهِ؛

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست