responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 238
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَسْتَحِقُّهُ، إلَّا أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ ذَلِكَ.
وَلَمْ يَرَ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي النَّفْلِ، وَجَعَلُوا السَّلَبَ هَاهُنَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَنْفَالِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَى عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ مَدَدِيًّا اتَّبَعَهُمْ، فَقَتَلَ عِلْجًا، فَأَخَذَ خَالِدٌ بَعْضَ سَلَبَهُ، وَأَعْطَاهُ بَعْضَهُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَأَبُو دَاوُد. وَأَنَا اخْتَصَرْته.
وَرَوَيَا بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ شِبْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، قَالَ: بَارَزْت رَجُلًا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، فَقَتَلْته، وَأَخَذْت سَلَبَهُ، فَأَتَيْت بِهِ سَعْدًا، فَخَطَبَ سَعْدٌ أَصْحَابَهُ، وَقَالَ: إنَّ هَذَا سَلَبُ شِبْرٍ، خَيْرٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَإِنَّا قَدْ نَفَلْنَاهُ إيَّاهُ. وَلَوْ كَانَ حَقًّا لَهُ، لَمْ يَحْتَجْ إلَى نَفْلِهِ، وَلِأَنَّ عُمَرَ أَخَذَ الْخُمُسَ مِنْ سَلَبِ الْبَرَاءِ، وَلَوْ كَانَ حَقًّا لَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ سَلَبَ أَبِي قَتَادَةَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ» .
وَهَذَا مِنْ قَضَايَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَشْهُورَةِ، الَّتِي عَمِلَ بِهَا الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ، وَأَخْبَارُهُمْ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ احْتَجَّ عَلَى خَالِدٍ حِينَ أَخَذَ سَلَبَ الْمَدَدِيَّ، فَقَالَ لَهُ عَوْفٌ: أَمَّا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ؟ قَالَ: بَلَى. وَقَوْلُ عُمَرَ: إنَّا كُنَّا لَا نُخَمِّسُ السَّلَبَ.
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ قَضِيَّةٌ عَامَّةٌ فِي كُلِّ غَزْوَةٍ، وَحُكْمٌ مُسْتَمِرٌّ لِكُلِّ قَاتِلٍ، وَإِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَالِدًا أَنْ لَا يَرُدَّ عَلَى الْمَدَدِيِّ عُقُوبَةً، حِينَ أَغْضَبَهُ عَوْفٌ بِتَقْرِيعِهِ خَالِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَوْلُهُ: قَدْ أَنْجَزْت لَك مَا ذَكَرْت لَك مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَمَّا خَبَرُ شِبْرٍ، فَإِنَّمَا أَنْفَذَ لَهُ سَعْدٌ مَا قَضَى لَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَمَّاهُ نَفْلًا، لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ نَفْلٌ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى سَهْمِهِ.
وَأَمَّا أَبُو قَتَادَةَ، فَإِنَّ خَصْمَهُ اعْتَرَفَ لَهُ بِهِ، وَصَدَّقَهُ، فَجَرَى مَجْرَى الْبَيِّنَةِ، وَلِأَنَّ السَّلَبَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ بِغَيْرِ تَقْدِيرِ الْإِمَامِ وَاجْتِهَادِهِ، فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى شَرْطِهِ، كَالسَّهْمِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْخُذَ السَّلَبَ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ. وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالشَّافِعِيُّ: لَهُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ بِجَعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ ذَلِكَ، وَلَا يَأْمَنُ إنْ أَظْهَرَهُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُعْطَاهُ. وَوَجْهُ قَوْلِ أَحْمَدَ، أَنَّهُ فِعْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، فَلَمْ يَنْفُذْ أَمْرُهُ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ كَأَخْذِ سَهْمِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ أَحْمَدَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ، لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ، لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَابِ فَعَلَى هَذَا، إنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ، تَرَكَ الْفَضِيلَةَ، وَلَهُ مَا أَخَذَهُ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست