responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 227
وَلَنَا مَا رَوَى حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيُّ، قَالَ: «شَهِدْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَلَ الرُّبُعَ فِي الْبَدَاءَةَ، وَالثُّلُثَ فِي الرَّجْعَةِ» . وَفِي لَفْظٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُنَفِّلُ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَالثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ إذَا قَفَلَ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُنَفِّلُ فِي الْبَدَاءَةِ الرُّبُعَ، وَفِي الْقُفُولِ الثُّلُثَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَفِي لَفْظٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنَفِّلُهُمْ إذَا خَرَجُوا بَادِينَ الرُّبُعَ وَيُنَفِّلُهُمْ إذَا قَفَلُوا الثُّلُثَ» . رَوَاهُ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ.
وَرَوَى الْأَثْرَمُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فِي قَوْمِهِ، قَالَ لَهُ عُمَرُ: هَلْ لَك أَنْ تَأْتِيَ الْكُوفَةَ، وَلَك الثُّلُثُ بَعْدَ الْخُمُسِ مِنْ كُلِّ أَرْضٍ وَشَيْءٍ؟ وَذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: يُنَفِّلُ السَّرِيَّةَ الثُّلُثَ وَالرُّبُعَ يُغْرِيهِمْ بِذَلِكَ. فَأَمَّا قَوْلُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، فَإِنَّ مَكْحُولًا قَالَ لَهُ حِينَ قَالَ: لَا نَفْلَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَذَكَرَ لَهُ حَدِيثَ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ: شَغَلَك أَكْلُ الزَّبِيبِ بِالطَّائِفِ. وَمَا ثَبَتَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَبَتَ لِلْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ، مَا لَمْ يَقُمْ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِهِ دَلِيلٌ.
فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ بَعِيرًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ، يَكُونُ جُزْءًا مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَخُمُسُ الْخُمُسِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَجُزْءٌ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَكْثَرُ، فَلَا يُتَصَوَّرُ أَخْذُ الشَّيْءِ مِنْ أَقَلَّ مِنْهُ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ إذَا كَانَتْ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ، وَالْبَعِيرُ مِنْهَا ثُلُثُ الْخُمُسِ، فَكَيْفَ يَتَصَوَّرُ أَخْذُ ثُلُثِ الْخُمُسِ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ؟ فَهَذَا مُحَالٌ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ أَنَّ النَّفَلَ كَانَ لِلسَّرِيَّةِ دُونَ سَائِرِ الْجَيْشِ. عَلَى أَنَّ مَا رَوَيْنَاهُ صَرِيحٌ فِي الْحُكْمِ، فَلَا يُعَارَضُ بِشَيْءٍ مُسْتَنْبَطٍ، يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ مَنْ اسْتَنْبَطَهُ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَسْتَحِقُّونَ هَذَا النَّفَلَ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَهُ لَهُمْ فَلَا، فَإِنَّهُ قِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ نَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبَدَاءَةِ الرُّبُعَ، وَفِي الرُّجُوعِ الثُّلُثَ؟ قَالَ: نَعَمْ، ذَاكَ إذَا نَفَلَ، وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ. فَعَلَى هَذَا إنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يُنَفِّلَهُمْ شَيْئًا، فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يُنَفِّلَهُمْ دُونَ الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ لَا يَجْعَلَ لَهُمْ شَيْئًا، جَازَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ يَسِيرًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنَفِّلَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَهُوَ قَوْلُ مَكْحُولٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالْجُمْهُورِ مِنْ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا حَدَّ لِلنَّفْلِ، بَلْ هُوَ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَلَ مَرَّةً الثُّلُثَ، وَأُخْرَى الرُّبُعَ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: نَفَلَ نِصْفَ السُّدُسِ. فَهَذَا يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّفْلِ حَدٌّ لَا يَتَجَاوَزُهُ الْإِمَامُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْكُولًا إلَى اجْتِهَادِهِ. وَلَنَا، أَنَّ نَفْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى إلَى الثُّلُثِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَجَاوَزَهُ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَقَلِّ النَّفْلِ حَدٌّ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُنَفِّلَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ، عَلَى أَنَّ هَذَا

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 227
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست