responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 183
النَّارِ، وَإِنْ قَتَلَك فَشَهِيدٌ.
وَنَحْوُ ذَلِكَ عَنْ أَنَسٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي امْرَأَةٍ أَرَادَهَا رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهَا، فَقَتَلَتْهُ لِتُحْصِنَ نَفْسَهَا، فَقَالَ: إذَا عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ إلَّا نَفْسَهَا، فَقَتَلَتْهُ لِتَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهَا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا. وَذَكَرَ حَدِيثًا يَرْوِيهِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ رَجُلًا أَضَافَ نَاسًا مِنْ هُذَيْلٍ، فَأَرَادَ امْرَأَةً عَلَى نَفْسِهَا، فَرَمَتْهُ بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهُ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاَللَّهِ لَا يُودَى أَبَدًا.
وَلِأَنَّهُ إذَا جَازَ الدَّفْعُ عَنْ مَالِهِ الَّذِي يَجُوزُ بَذْلُهُ وَإِبَاحَتُهُ، فَدَفْعُ الْمَرْأَةِ عَنْ نَفْسِهَا وَصِيَانَتُهَا عَنْ الْفَاحِشَةِ الَّتِي لَا تُبَاحُ بِحَالٍ أَوْلَى. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهَا إنْ أَمْكَنَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ مِنْهَا مُحَرَّمٌ، وَفِي تَرْكِ الدَّفْعِ نَوْعُ تَمْكِينٍ. فَأَمَّا مِنْ أُرِيدَتْ نَفْسِهِ أَوْ مَالُهُ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْفِتْنَةِ: «اجْلِسْ فِي بَيْتِك فَإِنْ خِفْت أَنْ يَبْهَرَك شُعَاعُ السَّيْفِ، فَغَطِّ وَجْهَك» .
وَفِي لَفْظٍ: «فَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ، وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْقَاتِلَ» . وَلِأَنَّ عُثْمَانَ، تَرَكَ الْقِتَالَ مَعَ إمْكَانِهِ مَعَ إرَادَتِهِمْ نَفْسَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قُلْتُمْ فِي الْمُضْطَرِّ: إذَا وَجَدَ مَا يَدْفَعُ بِهِ الضَّرُورَةَ، لَزِمَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، فَلِمَ لَمْ تَقُولُوا ذَلِكَ هَاهُنَا؟ قُلْنَا: لِأَنَّ الْأَكْلَ يُحْيِي بِهِ نَفْسَهُ، مِنْ غَيْرِ تَفْوِيتِ نَفْسِ غَيْرِهِ، وَهَا هُنَا فِي إحْيَاءِ نَفْسِهِ فَوَاتُ نَفْسِ غَيْرِهِ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ، فَأَمَّا إنْ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ، مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُ غَيْرَهُ، فَلَزِمَهُ، كَالْأَكْلِ فِي الْمَخْمَصَةِ.
وَالثَّانِي، لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ دَفْعٌ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ، كَالدَّفْعِ بِالْقِتَالِ.
(7385) فَصْلٌ: وَإِذَا صَالَ عَلَى إنْسَانٍ صَائِلٍ، يُرِيدُ مَالَهُ أَوْ نَفْسَهُ ظُلْمًا، أَوْ يُرِيدُ امْرَأَةً لِيَزْنِيَ بِهَا، فَلِغَيْرِ الْمَصُولِ عَلَيْهِ مَعُونَتُهُ فِي الدَّفْعِ. وَلَوْ عَرَضَ اللُّصُوصُ لِقَافِلَةٍ، جَازَ لِغَيْرِ أَهْلِ الْقَافِلَةِ الدَّفْعُ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا، أَوْ مَظْلُومًا» . وَفِي حَدِيثٍ: «إنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَتَعَاوَنُونَ عَلَى الْفَتَّانِ» . وَلِأَنَّهُ لَوْلَا التَّعَاوُنُ لَذَهَبَتْ أَمْوَالُ النَّاسِ وَأَنْفُسُهُمْ؛ لِأَنَّ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ إذَا انْفَرَدُوا بِأَخْذِ مَالِ إنْسَانٍ لَمْ يُعِنْهُ غَيْرُهُ، فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أَمْوَالَ الْكُلِّ، وَاحِدًا وَاحِدًا، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمْ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست