responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 14
اللَّهِ» .
وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهُ لِسَانُهُ، إمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا.» وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ يَدْخُلُ فِي عُمُومِهَا الصَّبِيُّ، وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ، فَصَحَّتْ مِنْ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ، كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى دَعَا عِبَادَهُ إلَى دَارِ السَّلَامِ، وَجَعَلَ طَرِيقَهَا الْإِسْلَامَ، وَجَعَلَ مَنْ لَمْ يُجِبْ دَعْوَتَهُ فِي الْجَحِيمِ وَالْعَذَابِ الْأَلِيمِ، فَلَا يَجُوزُ مَنْعُ الصَّبِيِّ مِنْ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ، مَعَ إجَابَتِهِ إلَيْهَا، وَسُلُوكِهِ طَرِيقَهَا، وَلَا إلْزَامُهُ بِعَذَابِ اللَّهِ، وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالنَّارِ، وَسَدُّ طَرِيقِ النَّجَاةِ عَلَيْهِ مَعَ هَرَبِهِ مِنْهَا، وَلِأَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ إجْمَاعٌ، فَإِنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَسْلَمَ صَبِيًّا، وَقَالَ:
سَبَقْتُكُمْ إلَى الْإِسْلَامِ طُرًّا ... صَبِيًّا مَا بَلَغْتُ أَوَانَ حِلْمِ
وَلِهَذَا قِيلَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الرِّجَالِ أَبُو بَكْرٍ، وَمِنْ الصِّبْيَانِ عَلِيٌّ، وَمِنْ النِّسَاءِ خَدِيجَةُ، وَمِنْ الْعَبِيدِ بِلَالٌ، وَقَالَ عُرْوَةُ: أَسْلَمَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ، وَهُمَا ابْنًا ثَمَانِ سِنِينَ، وَبَايَعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنُ الزُّبَيْرِ لِسَبْعِ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ، وَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَحَدٍ إسْلَامَهُ، مِنْ صَغِيرٍ وَلَا كَبِيرٍ. فَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ.» فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يُكْتَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَالْإِسْلَامُ يُكْتَبُ لَهُ لَا عَلَيْهِ، وَيَسْعَدُ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَهُوَ كَالصَّلَاةِ تَصِحُّ مِنْهُ وَتُكْتَبُ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمَحْضَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يُوجِبُ الزَّكَاةَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَنَفَقَةَ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ، وَيَحْرِمُهُ مِيرَاثَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ، وَيَفْسَخُ نِكَاحَهُ. قُلْنَا: أَمَّا الزَّكَاةُ فَإِنَّهَا نَفْعٌ؛ لِأَنَّهَا سَبَبُ الزِّيَادَةِ وَالنَّمَاءِ، وَتَحْصِينِ الْمَالِ وَالثَّوَابِ، وَأَمَّا الْمِيرَاثُ وَالنَّفَقَةُ، فَأَمْرٌ مُتَوَهَّمٌ، وَهُوَ مَجْبُورٌ بِمِيرَاثِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَسُقُوطِ نَفَقَةِ أَقَارِبِهِ الْكُفَّارِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا الضَّرَرَ مَغْمُورٌ فِي جَنْبِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَخَلَاصِهِ مِنْ شَقَاءِ الدَّارَيْنِ وَالْخُلُودِ فِي الْجَحِيمِ، فَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الضَّرَرِ فِي أَكْلِ الْقُوتِ، الْمُتَضَمِّنِ قُوتَ مَا يَأْكُلُهُ، وَكُلْفَةُ تَحْرِيكِ فِيهِ لِمَا كَانَ بَقَاؤُهُ بِهِ لَمْ يُعَدَّ ضَرَرًا، وَالضَّرَرُ فِي مَسْأَلَتِنَا فِي جَنْبِ مَا يَحْصُلُ مِنْ النَّفْعِ، أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ الْخِرَقِيِّ اشْتَرَطَ لِصِحَّةِ إسْلَامِهِ شَرْطَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنْ يَكُونَ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِضَرْبِهِ عَلَى الصَّلَاةِ لِعَشْرٍ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 14
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست