responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 92
الزِّنَا، لَمْ يُحَدَّ لَهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي إعَادَةِ قَذْفِ الْأَجْنَبِيِّ، لَكِنْ يُعَزَّرُ لِلْأَذَى وَالسَّبِّ، وَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُ التَّعْزِيرِ بِاللِّعَانِ؛ لِأَنَّهُ تَعْزِيرُ سَبٍّ، لَا تَعْزِيرُ قَذْفٍ، إلَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تُلْزِمُ الْأَجْنَبِيَّ حَدًّا ثَانِيًا بِإِعَادَةِ الْقَذْفِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ هَاهُنَا حَدٌّ، وَلَهُ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ. وَإِنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ حَدِّهِ، فَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا، فَلَهُ اللِّعَانُ لِإِسْقَاطِهِ، عَلَى كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى نَفْيِهِ.
وَإِنْ قَذَفَهَا فِي الزَّوْجِيَّةِ قَذْفَيْنِ بِزِنَاءَيْنِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ، وَيَكْفِيهِ لِعَانٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ، فَإِذَا كَانَ الْحَقَّانِ لِوَاحِدٍ كَفَتْهُ، يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَاءَيْنِ. وَفَارَقَ مَا إذَا قَذَفَ زَوْجَتَيْنِ، حَيْثُ لَا يَكْفِيهِ لِعَانٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَجَبَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَلَا تَتَدَاخَلُ، كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ. وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِالْأَوَّلِ، سَقَطَ عَنْهُ مُوجَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ زَالَ إحْصَانُهَا، وَلَا لِعَانَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَسَبٌ يُرِيدُ نَفْيَهُ. وَإِنْ أَقَامَهَا بِالثَّانِي لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ الْأَوَّلُ، وَلَهُ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ، إلَّا عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الثَّانِي.
وَإِنْ قَذَفَهَا فِي الزَّوْجِيَّةِ وَلَاعَنَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا الْأَوَّلِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَقَّقَهُ بِلِعَانِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحَدَّ، كَمَا لَوْ قَذَفَهَا بِهِ أَجْنَبِيٌّ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي. وَلَوْ قَذَفَهَا بِهِ أَجْنَبِيٌّ، أَوْ بِزِنَا غَيْرِهِ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، أَنَّهُمْ قَالُوا: إنْ لَمْ يَنْفِ بِلِعَانِهَا وَلَدًا، حُدَّ قَاذِفُهَا، وَإِنْ نَفَاهُ، فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهَا؛ لِأَنَّهُ مُنْتَفٍ عَنْ زَوْجِهَا بِالشَّرْعِ. وَلَنَا مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ رَمَاهَا، أَوْ وَلَدَهَا، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَهَذَا نَصٌّ، فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى مَنْ رَمَاهَا، مَعَ أَنَّ وَلَدَهَا مَنْفِيٌّ عَنْ الْمُلَاعِنِ شَرْعًا، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ زِنَاهَا، وَلَا زَالَ إحْصَانُهَا، فَيَلْزَمُ قَاذِفَهَا الْحَدُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَنْفِ وَلَدَهَا. فَأَمَّا إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً، فَقَذَفَهَا قَاذِفٌ بِذَلِكَ الزِّنَا، أَوْ بِغَيْرِهِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَالَ إحْصَانُهَا، وَلِأَنَّ هَذَا الْقَذْفَ لَمْ يُدْخِلْ الْمَعَرَّةَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا دَخَلَتْ الْمَعَرَّةُ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ، وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ تَعْزِيرَ السَّبِّ وَالْأَذَى. وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِزِنَاهُ، لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ تَعْزِيرَ السَّبِّ وَالْأَذَى، وَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ إسْقَاطَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِاللِّعَانِ؛ لِمَا قَدَّمْنَاهُ.
وَإِنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ وَلَاعَنَهَا، ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا آخَرَ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ مِنْهُ بِاللِّعَانِ، وَصَارَتْ أَجْنَبِيَّةً، إلَّا أَنْ يُضِيفَ الزِّنَا إلَى حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ ثَمَّ نَسَبٌ يُرِيدُ نَفْيَهُ، فَلَهُ الْمُلَاعَنَةُ لِنَفْيِهِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ الْحَدُّ، وَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست