responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 361
وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَنْ «قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إمَّا أَنْ يُودَى، وَإِمَّا يُقَادُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَرَوَى أَبُو شُرَيْحٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ثُمَّ أَنْتُمْ يَا خُزَاعَةُ، قَدْ قَتَلْتُمْ هَذَا الْقَتِيلَ، وَأَنَا وَاَللَّهِ عَاقِلُهُ، فَمَنْ قَتَلَ بَعْدَهُ قَتِيلًا فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ؛ إنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا، وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الدِّيَةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ. وَلِأَنَّ الْقَتْلَ الْمَضْمُونَ إذَا سَقَطَ فِيهِ الْقِصَاصُ مِنْ غَيْرِ إبْرَاءٍ، ثَبَتَ الْمَالُ، كَمَا لَوْ عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ، وَيُخَالِفُ سَائِرَ الْمُتْلَفَاتِ؛ لِأَنَّ بَدَلَهَا يَجِبُ مِنْ جِنْسِهَا، وَهَا هُنَا يَجِبُ فِي الْخَطَأِ وَعَمْدِ الْخَطَأِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، فَإِذَا رَضِيَ فِي الْعَمْدِ بِبَدَلِ الْخَطَأِ، كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ بَعْضَ حَقِّهِ، وَلِأَنَّ الْقَاتِلَ أَمْكَنَهُ إحْيَاءُ نَفْسِهِ بِبَذْلِ الدِّيَةِ، فَلَزِمَهُ وَيَنْتَقِضُ مَا ذَكَرُوهُ بِمَا إذَا كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَصْغَرَ، أَوْ يَدُ الْقَاطِعِ أَنْقَصَ، فَإِنَّهُمْ سَلَّمُوا فِيهِمَا.

[فَصْلٌ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي مُوجِبِ الْعَمْدِ]
(6762) فَصْلٌ: وَاخْتَلَفْت الرِّوَايَةُ فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ، فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ مُوجَبَهُ الْقِصَاصُ عَيْنًا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ قَتَلَ عَمْدًا، فَهُوَ قَوَدٌ» . وَلِمَا ذَكَرُوهُ فِي دَلِيلِهِمْ. وَرُوِيَ أَنَّ مُوجَبَهُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ؛ الْقِصَاصِ، أَوْ الدِّيَةِ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا، وَلِأَنَّ الدِّيَةَ أَحَدُ بَدَلَيْ النَّفْسِ، فَكَانَتْ بَدَلًا عَنْهَا، لَا عَنْ بَدَلِهَا، كَالْقِصَاصِ. وَأَمَّا الْخَبَرُ، فَالْمُرَادُ بِهِ وُجُوبُ الْقَوَدِ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ، وَيُخَالِفُ الْقَتْلُ سَائِرَ الْمُتْلَفَات؛ لِأَنَّ بَدَلَهَا لَا يَخْتَلِفُ بِالْقَصْدِ وَعَدَمِهِ، وَالْقَتْلُ بِخِلَافِهِ. وَلِلشَّافِعِي قَوْلَانِ، كَالرِّوَايَتَيْنِ. فَإِذَا قُلْنَا مُوجَبُهُ الْقِصَاصُ عَيْنًا، فَلَهُ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ، وَالْعَفْوُ مُطْلَقًا، فَإِذَا عَفَا مُطْلَقًا، لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ. وَهَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَجِبُ الدِّيَةُ؛ لِئَلَّا يُطَلَّ الدَّمُ. وَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ بَعْدَ وُجُوبِهَا، صَحَّ عَفْوُهُ، وَإِنْ عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ بِغَيْرِ مَالٍ، لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، فَأَمَّا إنْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ؛ لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ.
وَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ. فَعَفَا عَنْ الْقِصَاصِ مُطْلَقًا، أَوْ إلَى الدِّيَةِ، وَجَبَتْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، فَإِذَا تَرَكَ أَحَدَهُمَا وَجَبَ الْآخَرُ، وَإِنْ اخْتَارَ الدِّيَةَ، سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَإِنْ اخْتَارَ الْقِصَاصَ، تَعَيَّنَ. وَهَلْ لَهُ بَعْد ذَلِكَ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ؟ قَالَ الْقَاضِي: لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ أَعْلَى، فَكَانَ لَهُ الِانْتِقَالُ إلَى الْأَدْنَى، وَيَكُونُ بَدَلًا عَنْ الْقِصَاصِ، وَلَيْسَتْ الَّتِي وَجَبَتْ بِالْقَتْلِ، كَمَا قُلْنَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى: إنَّ الْوَاجِبَ الْقِصَاصُ عَيْنًا، وَلَهُ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَهَا بِاخْتِيَارِهِ الْقَوَدَ فَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 361
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست