responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 319
النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ فِي قِلَّةِ اللَّحْمِ وَكَثْرَتِهِ، وَهَذَا كَمَا يَسْتَوْفِي فِي الطَّرَفِ مِثْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، وَالدِّقَّةِ وَالْغِلَظِ، وَيُرَاعِي الطُّولَ وَالْعَرْضَ؛ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ، فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ وَالْمَشْجُوجِ سَوَاءً، اسْتَوْفَى قَدْرَ الشَّجَّةِ، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَصْغَرَ، لَكِنَّهُ يَتَّسِعُ لِلشَّجَّةِ، اُسْتُوْفِيَتْ إنْ اسْتَوْعَبَ رَأْسَ الشَّاجِّ كُلَّهُ، وَهِيَ بَعْضُ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَاهَا بِالْمِسَاحَةِ، وَلَا يَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ زِيَادَتُهَا عَلَى مِثْلِ مَوْضِعِهَا مِنْ رَأْسِ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ رَأْسُهُ. وَإِنْ كَانَ قَدْرُ الشَّجَّةِ يَزِيدُ عَلَى رَأْسِ الْجَانِي، فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي الشَّجَّةَ مِنْ جَمِيعِ رَأْسِ الشَّاجِّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ إلَى جَبْهَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَصُّ فِي عُضْوٍ آخَرَ غَيْرِ الْعُضْوِ الَّذِي جَنَى عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ لَا يَنْزِلُ إلَى قَفَاهُ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَلَا يَسْتَوْفِي بَقِيَّةَ الشَّجَّةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ رَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِمُوضِحَتَيْنِ، وَوَاضِعًا لِلْحَدِيدَةِ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهَا فِيهِ الْجَانِي. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مَاذَا يَصْنَعُ؟ فَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ فِيمَا بَقِيَ؛ كَيْ لَا يَجْتَمِعَ قِصَاصٌ وَدِيَةٌ فِي جُرْحٍ وَاحِدٍ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ. فَعَلَى هَذَا يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الِاسْتِيفَاءِ فِي جَمِيعِ رَأْسِ الشَّاجِّ وَلَا أَرْشَ لَهُ، وَبَيْنَ الْعَفْوِ إلَى دِيَةِ مُوضِحَةٍ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ، وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَهُ أَرْشُ مَا بَقِيَ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ الْقِصَاصُ فِيمَا جَنَى عَلَيْهِ، فَكَانَ لَهُ أَرْشُهُ، كَمَا لَوْ تَعَذُّرَ فِي الْجَمِيعِ. فَعَلَى هَذَا، تُقَدَّرُ شَجَّةُ الْجَانِي مِنْ الشَّجَّةِ فِي رَأْسِ الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ، وَيَسْتَوْفِي أَرْشَ الْبَاقِي، فَإِنْ كَانَتْ بِقَدْرِ ثُلُثِهَا فَلَهُ ثُلُثُ أَرْشِ مُوضِحَةٍ، وَإِنْ زَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ عَنْ هَذَا فَبِالْحِسَابِ مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ.
وَلَا يَجِبُ لَهُ أَرْشُ مُوضِحَةٍ كَامِلَةٍ؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى إيجَابِ الْقِصَاصِ وَدِيَةِ مُوضِحَةٍ فِي مُوضِحَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ أَوْضَحَهُ فِي جَمِيعِ رَأْسِهِ، وَرَأْسُ الْجَانِي أَكْبَرُ، فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يُوضِحَ مِنْهُ بِقَدْرِ مِسَاحَةِ مُوضِحَتِهِ مِنْ أَيِّ الطَّرَفَيْنِ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كُلِّهِ، وَإِذَا اسْتَوْفَى قَدْرَ مُوضِحَتِهِ، ثُمَّ تَجَاوَزَهَا، وَاعْتَرَفَ أَنَّهُ عَمَدَ ذَلِكَ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ، فَإِذَا انْدَمَلَتْ مُوضِحَتُهُ، اُسْتُوْفِيَ مِنْهُ الْقِصَاصُ فِي مَوْضِعِ الِانْدِمَالِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ ادَّعَى الْخَطَأَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ، وَعَلَيْهِ أَرْشُ مُوضِحَةٍ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَذِهِ الْمُوضِحَةُ كُلُّهَا لَوْ كَانَتْ عُدْوَانًا لَمْ يَجِبْ فِيهَا إلَّا دِيَةُ مُوضِحَةٍ، فَكَيْفَ يَجِبُ فِي بَعْضِهَا دِيَةُ مُوضِحَةٍ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ الْمُسْتَوْفِي، لَمْ يَكُنْ جِنَايَةً، إنَّمَا الْجِنَايَةُ الزَّائِدُ، وَالزَّائِدُ لَوْ انْفَرَدَ لَكَانَ مُوضِحَةً، فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَهُ مَا لَيْسَ بِجِنَايَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ كُلُّهَا عُدْوَانًا؛ فَإِنَّ الْجَمِيعَ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ.

[فَصْلٌ أَوْضَحَهُ فِي جَمِيعِ رَأْسِهِ وَرَأْسُ الْجَانِي أَكْبَرُ]
فَصْلٌ: وَإِذَا أَوْضَحَهُ فِي جَمِيعِ رَأْسِهِ، وَرَأْسُ الْجَانِي أَكْبَرُ، فَأَحَبَّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ بَعْضَهُ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 319
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست