responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 317
النَّضْرِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ، وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا أَنَسُ، كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ. قَالَ: فَعَفَا الْقَوْمُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَرَيَانِ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ إذَا أَمْكَنَ، وَلِأَنَّ مَا دُون النَّفْسِ كَالنَّفْسِ فِي الْحَاجَةِ إلَى حِفْظِهِ بِالْقِصَاصِ، فَكَانَ كَالنَّفْسِ فِي وُجُوبِهِ.

[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْجُرُوحِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاء]
(6679) فَصْلٌ: وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْجُرُوحِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ عَمْدًا مَحْضًا، فَأَمَّا الْخَطَأُ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ إجْمَاعًا، لِأَنَّ الْخَطَأ لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ، وَهِيَ الْأَصْلُ، فَفِيمَا دُونَهَا أَوْلَى. وَلَا يَجِبُ بِعَمْدِ الْخَطَأِ، وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ ضَرْبَهُ بِمَا لَا يُفْضِي إلَى ذَلِكَ غَالِبًا، مِثْلُ أَنْ يَضْرِبَهُ بِحَصَاةِ لَا يُوضِحُ مِثْلُهَا، فَتُوضِحَهُ، فَلَا يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ شِبْهُ الْعَمْدِ، وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ إلَّا بِالْعَمْدِ الْمَحْضِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ، وَلَا يُرَاعَى فِيهِ ذَلِكَ؛ لِعُمُومِ الْآيَةِ. الثَّانِي: التَّكَافُؤُ بَيْنَ الْجَارِحِ وَالْمَجْرُوحِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْجَانِي يُقَادُ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَوْ قَتَلَهُ، كَالْحُرِّ الْمُسْلِمِ مَعَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، فَأَمَّا مَنْ لَا يُقْتَلُ بِقَتْلِهِ، فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لَهُ، كَالْمُسْلِمِ مَعَ الْكَافِرِ، وَالْحُرِّ مَعَ الْعَبْدِ، وَالْأَبِ مَعَ ابْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُؤْخَذُ نَفْسُهُ بِنَفْسِهِ، فَلَا يُؤْخَذُ طَرَفُهُ بِطَرَفِهِ، وَلَا يُجْرَحُ بِجُرْحِهِ، كَالْمُسْلِمِ مَعَ الْمُسْتَأْمِنِ. الثَّالِثُ: إمْكَانُ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ وَلَا زِيَادَةٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] . وَقَالَ: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] .
وَلِأَنَّ دَمَ الْجَانِي مَعْصُومٌ إلَّا فِي قَدْرِ جِنَايَتِهِ، فَمَا زَادَ عَلَيْهَا يَبْقَى عَلَى الْعِصْمَةِ، فَيَحْرُمُ اسْتِيفَاؤُهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، كَتَحْرِيمِهِ قَبْلَهَا، وَمِنْ ضَرُورَةِ الْمَنْعِ مِنْ الزِّيَادَةِ الْمَنْعُ مِنْ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ لَوَازِمِهِ، فَلَا يُمْكِنُ الْمَنْعُ مِنْهَا إلَّا بِالْمَنْعِ مِنْهُ. وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ نَعْلَمُهُ. وَمِمَّنْ مَنَعَ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ الْحَسَنُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَمَنَعَهُ فِي الْعِظَامِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ الْجُرْحَ الَّذِي يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، هُوَ كُلُّ جُرْحٍ يَنْتَهِي إلَى عَظْمٍ، كَالْمُوضِحَةِ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست