responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 301
أَحَدُهُمَا، كَقَوْلِنَا. وَالثَّانِي الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا بِالْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ عِنْدَ سُقُوطِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَبَبٌ لِلْإِتْلَافِ. وَلَنَا، أَنَّ الرَّمْيَ سَبَبٌ وَالْقَتْلَ مُبَاشَرَةٌ، فَانْقَطَعَ حُكْمُ السَّبَبِ، كَالدَّافِعِ مَعَ الْحَافِرِ، وَالْجَارِحِ مَعَ الذَّابِحِ، وَكَالصُّوَرِ الَّتِي ذَكَرْنَا. وَمَا ذَكَرُوهُ بَاطِلٌ بِهَذِهِ الْأُصُولِ الْمَذْكُورَةِ.

[مَسْأَلَةٌ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ عَادَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ قَبْلَ أَنْ تَنْدَمِلَ جِرَاحُهُ]
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ عَادَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ قَبْلَ أَنْ تَنْدَمِلَ جِرَاحُهُ، قُتِلَ، وَلَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ وَلَا رِجْلَاهُ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، قَالَ: إنَّهُ لَأَهْلٌ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ. فَإِنْ عَفَا عَنْهُ الْوَلِيُّ، فَعَلَيْهِ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا جَرَحَ رَجُلًا، ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ قَبْلَ انْدِمَالِ الْجُرْحِ، فَالْكَلَامُ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي حَالَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنْ يَخْتَارَ الْوَلِيُّ الْقِصَاصَ، فَاخْتَلَفْت الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِيفَاءِ؛ فَرُوِيَ عَنْهُ؛ لَا يَسْتَوْفِي إلَّا بِالسَّيْفِ فِي الْعُنُقِ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ.» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ أَحَدُ بَدَلَيْ النَّفْسِ، فَدَخَلَ الطَّرَفُ فِي حُكْمِ الْجُمْلَةِ، كَالدِّيَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ صَارَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ، لَمْ تَجِبْ إلَّا دِيَةُ النَّفْسِ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ تَعْطِيلُ الْكُلِّ، وَإِتْلَافُ الْجُمْلَةِ، وَقَدْ أَمْكَنَ هَذَا بِضَرْبِ الْعُنُقِ، فَلَا يَجُوزُ تَعْذِيبُهُ بِإِتْلَافِ أَطْرَافِهِ، كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِسَيْفٍ كَالٍّ، فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِمِثْلِهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: إنَّهُ لَأَهْلٌ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ. يَعْنِي أَنَّ لِلْمُسْتَوْفِي أَنْ يَقْطَعَ أَطْرَافَهُ، ثُمَّ يَقْتُلَهُ. وَهَذَا مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي ثَوْرٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] . وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَضَّ رَأْسَ يَهُودِيٍّ لِرَضِّهِ رَأْسَ جَارِيَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ بَيْنَ حَجَرَيْنِ.» وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: 45] . وَهَذَا قَدْ قَلَعَ عَيْنَهُ، فَيَجِبُ أَنْ تُقْلَعَ عَيْنُهُ، لِلْآيَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَرَّقَ حَرَّقْنَاهُ، وَمَنْ غَرَّقَ غَرَّقْنَاهُ» . وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ مَوْضُوعٌ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ، وَلَفْظُهُ مُشْعِرٌ بِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 301
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست