responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 294
وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، لَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ قَتْلٌ تَرَكَّبَ مِنْ مُوجِبٍ وَغَيْرِ مُوجِبٍ، فَلَمْ يُوجِبْ، كَقَتْلِ الْعَامِدِ وَالْخَاطِئِ، وَالصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ، وَالْمَجْنُونِ وَالْعَاقِلِ. وَلَنَا، أَنَّهُ شَارَكَ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فِيمَنْ يُقْتَلُ بِهِ لَوْ انْفَرَدَ بِقَتْلِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، كَشَرِيكِ الْأَجْنَبِيِّ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ فِعْلَ الْأَبِ غَيْرُ مُوجِبٍ؛ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ لِكَوْنِهِ تَمَحَّضَ عَمْدًا عُدْوَانًا، وَالْجِنَايَةُ بِهِ أَعْظَمُ إثْمًا، وَأَكْثَرُ جُرْمًا؛ وَلِذَلِكَ خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالنَّهْيِ عَنْهُ، فَقَالَ: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ} [الأنعام: 151] . ثُمَّ قَالَ: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء: 31] . وَلَمَّا «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَعْظَمِ الذَّنْبِ، قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك، ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك خَشْيَةَ أَنْ يُطْعَمَ مَعَك» . فَجَعَلَهُ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ بَعْدَ الشِّرْكِ، وَلِأَنَّهُ قَطَعَ الرَّحِمَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِصِلَتِهَا، وَوَضَعَ الْإِسَاءَةَ مَوْضِعَ الْإِحْسَانِ، فَهُوَ أَوْلَى بِإِيجَابِ الْعُقُوبَةِ وَالزَّجْرِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْوُجُوبُ فِي حَقِّ الْأَبِ لِمَعْنًى مُخْتَصٍّ بِالْمَحَلِّ، لَا لِقُصُورٍ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ، فَلَا يَمْتَنِعُ عَمَلُهُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي لَا مَانِعَ فِيهِ، وَأَمَّا شَرِيكُ الْخَاطِئِ، فَلَنَا فِيهِ مَنْعٌ، وَمَعَ التَّسْلِيمِ فَامْتِنَاعُ الْوُجُوبِ فِيهِ لِقُصُورِ السَّبَبِ عَنْ الْإِيجَابِ، فَإِنَّ فِعْلَ الْخَاطِئِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْقِصَاصِ، وَلَا صَالِحٍ لَهُ وَالْقَتْلُ مِنْهُ وَمِنْ شَرِيكِهِ غَيْرُ مُتَمَحِّضٍ عَمْدًا؛ لِوُقُوعِ الْخَطَأِ فِي الْفِعْلِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ زَهُوقُ النَّفْسِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.

[فَصْلٌ كُلُّ شَرِيكَيْنِ امْتَنَعَ الْقِصَاصُ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا لِمَعْنًى فِيهِ]
(6638) فَصْلٌ: وَكُلُّ شَرِيكَيْنِ امْتَنَعَ الْقِصَاصُ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا، لِمَعْنًى فِيهِ مِنْ غَيْرِ قُصُورٍ فِي السَّبَبِ فَهُوَ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى شَرِيكِهِ كَالْأَبِ وَشَرِيكِهِ، مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِكَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ فِي قَتْلِ عَبْدٍ، عَمْدًا عُدْوَانًا، فَإِنَّ الْقِصَاصَ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالْحُرِّ، وَيَجِبُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالْعَبْدِ، إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِهِ عَلَى شَرِيكِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْقِصَاصِ عَنْ الْمُسْلِمِ لِإِسْلَامِهِ، وَعَنْ الْحُرِّ لِحُرِّيَّتِهِ، وَانْتِقَاءِ مُكَافَأَةِ الْمَقْتُولِ لَهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَعَدَّى إلَى فِعْلِهِ، وَلَا إلَى شَرِيكِهِ، فَلَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ عَنْهُ. وَقَدْ نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: سَأَلْت أَبِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ حُرٍّ وَعَبْدٍ قَتَلَا عَبْدًا عَمْدًا، قَالَ: أَمَّا الْحُرُّ فَلَا يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ، وَعَلَى الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ فِي مَالِهِ، وَالْعَبْدُ إنْ شَاءَ سَيِّدُهُ أَسْلَمَهُ، وَإِلَّا فَدَاهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الْعَبْدِ، فَيُخَرَّجُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ قَتْلٍ شَارَكَ فِيهِ مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 294
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست