responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 29
لِأَنَّهُ وَطْءٌ لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ، فَلَا يُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ، كَوَطْءِ غَيْرِهَا، وَلِأَنَّ التَّتَابُعَ فِي الصِّيَامِ عِبَارَةٌ عَنْ إتْبَاعِ صَوْمِ يَوْمٍ لِلَّذِي قَبْلَهُ، مِنْ غَيْرِ فَارِقٍ، وَهَذَا مُتَحَقِّقٌ، وَإِنْ وَطِئَ لَيْلًا، وَارْتِكَابُ النَّهْيِ فِي الْوَطْءِ قَبْلَ إتْمَامِهِ إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالتَّتَابُعِ الْمُشْتَرَطِ، لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ وَإِجْزَاءَهُ، كَمَا لَوْ وَطِئَ قَبْلَ الشَّهْرَيْنِ، أَوْ وَطِئَ لَيْلَةَ أَوَّلِ الشَّهْرَيْنِ وَأَصْبَحَ صَائِمًا، وَالْإِتْيَانُ بِالصِّيَامِ قَبْلَ التَّمَاسِّ فِي حَقِّ هَذَا لَا سَبِيلَ إلَيْهِ، سَوَاءٌ بَنَى أَوْ اسْتَأْنَفَ.
وَإِنْ وَطِئَهَا، أَوْ وَطِئَ، غَيْرَهَا، فِي نَهَارِ الشَّهْرَيْنِ عَامِدًا، أَفْطَرَ، وَانْقَطَعَ التَّتَابُعُ إجْمَاعًا، إذَا كَانَ غَيْرَ مَعْذُورٍ وَإِنْ وَطِئَهَا، أَوْ وَطِئَ غَيْرَهَا، نَهَارًا نَاسِيًا أَفْطَرَ، وَانْقَطَعَ التَّتَابُعُ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُعْذَرُ فِيهِ بِالنِّسْيَانِ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ، وَلَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْمُفْطِرَ نَاسِيًا، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا. وَإِنْ أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ لِعُذْرٍ، فَوَطِئَ غَيْرَهَا نَهَارًا لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي قَطْعِ التَّتَابُعِ. وَإِنْ وَطِئَهَا، كَانَ كَوَطْئِهَا لَيْلًا، هَلْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَإِنْ وَطِئَ غَيْرَهَا لَيْلًا، لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ عَلَيْهِ، وَلَا هُوَ مُخِلٌّ بِإِتْبَاعِ الصَّوْمِ الصَّوْمَ، فَلَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعَ، كَالْأَكْلِ لَيْلًا. وَلَيْسَ فِي هَذَا اخْتِلَافٌ نَعْلَمُهُ. وَإِنْ لَمَسَ الْمُظَاهِرُ مِنْهَا، أَوْ بَاشَرَهَا دُونَ الْفَرْجِ عَلَى وَجْهٍ يُفْطِرُ بِهِ، قَطَعَ التَّتَابُعَ؛ لِإِخْلَالِهِ بِمُوَالَاةِ الصِّيَامِ، وَإِلَّا فَلَا يَنْقَطِعُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة لَمْ يَجِدْ فِي كَفَّارَة الظِّهَار فَعَلَيْهِ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا]
(6210) مَسْأَلَةٌ قَالَ: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4] ، أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا لَمْ يَجِدْ الرَّقَبَةَ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ الصِّيَامَ، أَنَّ فَرْضَهُ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ، وَجَاءَ فِي سُنَّةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوَاءٌ عَجَزَ عَنْ الصِّيَامِ لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ يَخَافُ بِالصَّوْمِ تَبَاطُؤَهُ أَوْ الزِّيَادَةَ فِيهِ، أَوْ الشَّبَقِ فَلَا يَصْبِرُ فِيهِ عَنْ الْجِمَاعِ «، فَإِنَّ أَوْسَ بْنَ الصَّامِتِ، لَمَّا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصِّيَامِ، قَالَتْ امْرَأَتُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ، مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ. قَالَ: فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» . «وَلَمَّا أَمَرَ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ بِالصِّيَامِ قَالَ: وَهَلْ أَصَبْت الَّذِي أَصَبْت إلَّا مِنْ الصِّيَامِ، قَالَ: فَأَطْعِمْ» . فَنَقَلَهُ إلَى الْإِطْعَامِ لَمَّا أَخْبَرَ أَنَّ بِهِ مِنْ الشَّبَقِ وَالشَّهْوَةِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ الصِّيَامِ. وَقِسْنَا عَلَى هَذَيْنِ مَا يُشْبِهُهُمَا فِي مَعْنَاهُمَا.
وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى الْإِطْعَامِ إذَا عَجَزَ عَنْ الصِّيَامِ لِلْمَرَضِ، وَإِنْ كَانَ مَرْجُوَّ الزَّوَالِ؛ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4] . وَلِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ نِهَايَةً، فَأَشْبَهَ الشَّبَقَ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْتَقِلَ لِأَجْلِ السَّفَرِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ لَا يُعْجِزُهُ عَنْ الصِّيَامِ، وَلَهُ نِهَايَةٌ يَنْتَهِي إلَيْهَا، وَهُوَ مِنْ أَفْعَالِهِ الِاخْتِيَارِيَّةِ. وَالْوَاجِبُ فِي الْإِطْعَامِ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، لَا يُجْزِئُهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا فِي سِتِّينَ يَوْمًا،

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست