responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 262
وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: 33] . وَهَذَا مَقْتُولٌ ظُلْمًا، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] . وَرَوَى أَنَسٌ «، أَنْ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا بِحَجَرٍ، فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ حَجَرَيْنِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ؛ إمَّا يُودِي، وَإِمَّا يُقَادُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا، فَأَشْبَهَ الْمُحَدَّدَ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ، فَمَحْمُولٌ عَلَى الْمُثْقَلِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْعَصَا وَالسَّوْطَ، وَقَرَنَ بِهِ الْحَجَرَ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَا يُشْبِهُهُمَا. وَقَوْلُهُمْ: لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ. مَمْنُوعٌ؛ فَإِنَّنَا نُوجِبُ الْقِصَاصَ بِمَا نَتَيَقَّنُ حُصُولَ الْغَلَبَةِ بِهِ، وَإِذَا شَكَكْنَا، لَمْ نُوجِبْهُ مَعَ الشَّكِّ، وَصَغِيرُ الْجُرْحِ قَدْ سَبَقَ الْقَوْلُ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَبْطُهُ بِالْجُرْحِ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ قَتَلَهُ بِالنَّارِ، أَوْ بِمُثْقَلِ الْحَدِيدِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا النَّوْعَ يَتَنَوَّعُ أَنْوَاعًا؛ أَحَدُهَا، أَنْ يَضْرِبَهُ بِمُثْقَلٍ كَبِيرٍ، يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ حَدِيدٍ، كَاللَّتِّ، وَالسِّنْدَانِ، وَالْمِطْرَقَةِ، أَوْ حَجَرٍ ثَقِيلٍ، أَوْ خَشَبَةٍ كَبِيرَةٍ، وَحَدَّ الْخِرَقِيِّ الْخَشَبَةَ الْكَبِيرَةَ، بِمَا فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ، يَعْنِي الْعَمْدَ الَّتِي تَتَّخِذُهَا الْأَعْرَابُ لِبُيُوتِهَا، وَفِيهَا دِقَّةٌ، فَأَمَّا عَمَدُ الْخِيَامِ فَكَبِيرَةٌ، تَقْتُلُ غَالِبًا، فَلَمْ يُرِدْهَا الْخِرَقِيِّ وَإِنَّمَا حَدَّ الْمُوجِبَ لِلْقِصَاصِ بِمَا فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ الَّتِي ضَرَبَتْ جَارِيَتَهَا بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا، قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ، وَقَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» . وَالْعَاقِلَةُ لَا تَحْمِلُ الْعَمْدَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ بِعَمُودِ الْفُسْطَاطِ لَيْسَ بِعَمْدٍ.
وَإِنْ كَانَ أَعْظَمَ مِنْهُ، فَهُوَ عَمْدٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا، وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ أَنْ يُلْقِيَ عَلَيْهِ حَائِطًا، أَوْ صَخْرَةً، أَوْ خَشَبَةً عَظِيمَةً، أَوْ مَا أَشْبَهَ مِمَّا يُهْلِكُهُ غَالِبًا، فَيُهْلِكَهُ، فَفِيهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا

النَّوْعُ الثَّانِي، أَنْ يَضْرِبَهُ بِمُثْقَلٍ صَغِيرٍ، كَالْعَصَا، وَالسَّوْطِ، وَالْحَجَرِ الصَّغِيرِ، أَوْ يَلْكُزَهُ بِيَدَيْهِ فِي مَقْتَلٍ، أَوْ فِي حَالِ ضَعْفٍ مِنْ الْمَضْرُوبِ؛ لَمَرَضٍ أَوْ صِغَرٍ، أَوْ فِي زَمَنٍ مُفْرِطِ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ، بِحَيْثُ تَقْتُلُهُ تِلْكَ الضَّرْبَةُ، أَوْ كَرَّرَ الضَّرْبَ حَتَّى قَتَلَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَفِيهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا، فَأَشْبَهَ الضَّرْبَ بِمُثْقَلٍ كَبِيرٍ. وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ، لَوْ عَصَرَ خُصْيَتَهُ عَصْرًا شَدِيدًا فَقَتَلَهُ بِعَصْرٍ يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا، فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَهُوَ عَمْدُ الْخَطَإِ، وَفِيهِ الدِّيَةُ، إلَّا أَنْ يَصْغُرَ جِدًّا، كَالضَّرْبَةِ بِالْقَلَمِ وَالْإِصْبَعِ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ، وَنَحْوِ هَذَا مِمَّا لَا يُتَوَهَّمُ الْقَتْلُ بِهِ، فَلَا قَوَدَ فِيهِ، وَلَا دِيَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ بِهِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست