responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 173
(6412) الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ الرَّضَعَاتُ مُتَفَرِّقَاتٍ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَالْمَرْجِعُ فِي مَعْرِفَةِ الرَّضْعَةِ إلَى الْعُرْفِ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِهَا مُطْلَقًا، وَلَمْ يَحُدَّهَا بِزَمَنِ وَلَا مِقْدَارٍ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهُمْ إلَى الْعُرْفِ، فَإِذَا ارْتَضَعَ الصَّبِيُّ، وَقَطَعَ قَطْعًا بَيِّنًا بِاخْتِيَارِهِ، كَانَ ذَلِكَ رَضْعَةً، فَإِذَا عَادَ كَانَتْ رَضْعَةً، أُخْرَى.
فَأَمَّا إنْ قَطَعَ لِضِيقِ نَفَسٍ، أَوْ لِلِانْتِقَالِ مِنْ ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ، أَوْ لَشَيْءٍ يُلْهِيه، أَوْ قَطَعَتْ عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ، نَظَرْنَا؛ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ قَرِيبًا فَهِيَ رَضْعَةٌ، وَإِنْ عَادَ فِي الْحَالِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا، أَنَّ الْأُولَى رَضْعَةٌ، فَإِذَا عَادَ فَهِيَ رَضْعَةٌ أُخْرَى. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَمَا تَرَى الصَّبِيَّ يَرْتَضِعُ مِنْ الثَّدْيِ، فَإِذَا أَدْرَكَهُ النَّفَسُ أَمْسَكَ عَنْ الثَّدْيِ لِيَتَنَفَّسَ أَوْ يَسْتَرِيحَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَهِيَ رَضْعَةٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأُولَى رَضْعَةٌ لَوْ لَمْ يَعُدْ، فَكَانَتْ رَضْعَةً وَإِنْ عَادَ، كَمَا لَوْ قَطَعَ بِاخْتِيَارِهِ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ، أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ رَضْعَةٌ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، إلَّا فِيمَا إذَا قَطَعَتْ عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ: لَا أَكَلْت الْيَوْمَ إلَّا أَكْلَةً وَاحِدَةً.
فَاسْتَدَامَ الْأَكْلَ زَمَنًا، أَوْ قَطَعَ لِشُرْبِ الْمَاءِ أَوْ انْتِقَالٍ مِنْ لَوْنٍ إلَى لَوْنٍ، أَوْ انْتِظَارٍ لِمَا يُحْمَلُ إلَيْهِ مِنْ الطَّعَامِ، لَمْ يُعَدَّ إلَّا أَكْلَةً وَاحِدَةً، فَكَذَا هَاهُنَا. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مِنْ السَّعُوطِ وَالْوَجُورِ رَضْعَةٌ، فَكَذَا هَذَا.

[مَسْأَلَةٌ السَّعُوطُ كَالرَّضَاعِ وَكَذَلِكَ الْوَجُورُ]
(6413) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: الشَّافِعِيُّ: (وَالسَّعُوطُ كَالرَّضَاعِ، وَكَذَلِكَ الْوَجُورُ) مَعْنَى السَّعُوطِ: أَنْ يُصَبَّ اللَّبَنَ فِي أَنْفِهِ مِنْ إنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَالْوَجُورُ: أَنْ يُصَبَّ فِي حَلْقِهِ صَبًّا مِنْ غَيْرِ الثَّدْيِ. وَاخْتَلَفْت الرِّوَايَةُ فِي التَّحْرِيمِ بِهِمَا، فَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ التَّحْرِيمَ يَثْبُتُ بِذَلِكَ، كَمَا يَثْبُتُ بِالرَّضَاعِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَالثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَجُورِ.
وَالثَّانِيَةُ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا التَّحْرِيمُ. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَمَذْهَبُ دَاوُد وَقَوْلُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ فِي السَّعُوطِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِرَضَاعِ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ بِالرَّضَاعِ، وَلِأَنَّهُ حَصَلَ مِنْ غَيْرِ ارْتِضَاعٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ مِنْ جُرْحٍ فِي بَدَنَهُ. وَلَنَا، مَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا رَضَاعَ، إلَّا مَا أَنْشَزَ الْعَظْمَ، وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّ هَذَا يَصِلُ بِهِ اللَّبَنُ إلَى حَيْثُ يَصِلُ بِالِارْتِضَاعِ، وَيَحْصُلُ بِهِ مِنْ إنْبَاتِ اللَّحْمِ وَإِنْشَازِ الْعَظْمِ مَا يَحْصُلُ مِنْ الِارْتِضَاعِ، فَيَجِبُ أَنْ يُسَاوِيَهُ فِي التَّحْرِيمِ، وَالْأَنْفُ سَبِيلُ الْفِطْرِ لِلصَّائِمِ. فَكَانَ سَبِيلًا لِلتَّحْرِيمِ، كَالرَّضَاعِ بِالْفَمِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست