responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 13
وَقَالَ عَطَاءٌ: عَلَيْهِ نِصْفُ كَفَّارَةِ حُرَّةٍ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِهَا، وَهَذَا مِنْ أَحْكَامِهَا، فَتَكُونُ عَلَى النِّصْفِ.
وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] فَخَصَّهُنَّ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَفْظٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ تَحْرِيمُ الزَّوْجَةِ، فَلَا تَحْرُمُ بِهِ الْأَمَةُ، كَالطَّلَاقِ، وَلِأَنَّ الظِّهَارَ كَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَنُقِلَ حُكْمُهُ وَبَقِيَ مَحَلُّهُ. قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ أَبُو قِلَابَةَ، وَقَتَادَةُ: إنَّ الظِّهَارَ كَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ عَلَى الْمُظَاهِرِ مِنْ أَمَتِهِ كَفَّارَةَ ظِهَارٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَتَوَجَّهُ هَذَا عَلَى مَذْهَبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ كَانَ ظِهَارًا، وَلَكِنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ لَمُبَاحٍ مِنْ مَالِهِ، فَكَانَتْ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، كَتَحْرِيمِ سَائِرِ مَالِهِ. قَالَ نَافِعٌ: «حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَارِيَتَهُ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُكَفِّرَ يَمِينَهُ» .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ، بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمَرْأَةِ إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا: أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي. لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ. وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] . إلَى قَوْله تَعَالَى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] نَزَلَتْ فِي تَحْرِيمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجَارِيَتِهِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ. وَيُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنْ تَلْزَمهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ ظِهَارٌ. وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[فَصْلٌ الظِّهَارُ مُؤَقَّتًا]
(6181) فَصْلٌ: وَيَصِحُّ الظِّهَارُ مُؤَقَّتًا، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي شَهْرًا، أَوْ حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ. فَإِذَا مَضَى الْوَقْتُ زَالَ الظِّهَارُ، وَحَلَّتْ الْمَرْأَةُ بِلَا كَفَّارَةٍ، وَلَا يَكُونُ عَائِدًا إلَّا بِالْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٍ، وَقَتَادَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَقَوْلُهُ الْآخَرُ: لَا يَكُونُ ظِهَارًا. وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَاللَّيْثُ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِلَفْظِ الظِّهَارِ مُطْلَقًا، وَهَذَا لَمْ يُطْلِقْ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَبَّهَهَا بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ. وَقَالَ طَاوُسٌ: إذَا ظَاهَرَ فِي وَقْتٍ، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ بَرَّ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَسْقُطُ التَّأْقِيتُ، وَيَكُونُ ظِهَارًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا لَفْظٌ يُوجِبُ تَحْرِيمَ الزَّوْجَةِ، فَإِذَا وَقَّتَهُ لَمْ يَتَوَقَّتْ كَالطَّلَاقِ.
وَلَنَا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ، وَقَوْلُهُ: ظَاهَرْت مِنْ امْرَأَتِي حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ. وَأَخْبَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَصَابَهَا فِي الشَّهْرِ، فَأَمَرَهُ بِالْكَفَّارَةِ. وَلَمْ يَعْتَبِرْ عَلَيْهِ تَقْيِيدَهُ، وَلِأَنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْهَا بِيَمِينٍ لَهَا كَفَّارَةٌ، فَصَحَّ مُؤَقَّتًا كَالْإِيلَاءِ، وَفَارَقَ الطَّلَاقَ؛ فَإِنَّهُ يُزِيلُ الْمِلْكَ، وَهُوَ يُوقِعُ تَحْرِيمًا

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 13
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست