responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 6  صفحه : 66
وَالثَّانِيَةُ، لَهَا الرُّجُوعُ. قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَحْمَدَ يُسْأَلُ عَنْ الْمَرْأَةِ تَهَبُ، ثُمَّ تَرْجِعُ، فَرَأَيْته يَجْعَلُ النِّسَاءَ غَيْرَ الرِّجَالِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ: «إنَّمَا يَرْجِعُ فِي الْمَوَاهِبِ النِّسَاءُ وَشِرَارُ الْأَقْوَامِ» . وَذَكَرَ حَدِيثَ عُمَرَ: إنَّ النِّسَاءَ يُعْطِينَ أَزْوَاجَهُنَّ رَغْبَةً وَرَهْبَةً، فَأَيُّمَا امْرَأَةٍ أَعْطَتْ زَوْجَهَا شَيْئًا، ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تَعْتَصِرَهُ، فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ.
وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَحَكَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ الْقُضَاةِ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى ثَالِثَةٌ، نَقَلَهَا أَبُو طَالِبٍ، إذَا وَهَبَتْ لَهُ مَهْرَهَا، فَإِنْ كَانَ سَأَلَهَا ذَلِكَ، رَدَّهُ إلَيْهَا، رَضِيَتْ أَوْ كَرِهَتْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَهَبُ إلَّا مَخَافَةَ غَضَبِهِ، أَوْ إضْرَارٍ بِهَا بِأَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَأَلَهَا، وَتَبَرَّعَتْ بِهِ، فَهُوَ جَائِزٌ. فَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ مَعَ الْهِبَةِ قَرِينَةٌ، مِنْ مَسْأَلَتِهِ لَهَا، أَوْ غَضَبِهِ عَلَيْهَا، أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى خَوْفِهَا مِنْهُ، فَلَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ شَاهِدَ الْحَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَطِبْ بِهَا نَفْسُهَا، وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ طِيبِ نَفْسِهَا، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ الرِّوَايَةُ الْأُولَى، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] . وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] . وَعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا.
(4483) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ لِلْمُتَصَدِّقِ الرُّجُوعُ فِي صَدَقَتِهِ، فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ عُمَرَ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: مَنْ وَهَبَ هِبَةً عَلَى وَجْهِ صَدَقَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيهَا
مَعَ عُمُومِ أَحَادِيثِنَا، فَاتَّفَقَ دَلِيلُهُمْ وَدَلِيلُنَا، فَلِذَلِكَ اتَّفَقَ قَوْلُهُمْ وَقَوْلُنَا.

[فَصْلٌ الْهِبَةُ الْمُطْلَقَةُ لَا تَقْتَضِي ثَوَابًا]
(4484) فَصْلٌ: وَالْهِبَةُ الْمُطْلَقَةُ، لَا تَقْتَضِي ثَوَابًا، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْإِنْسَانِ لِمِثْلِهِ أَوْ دُونِهِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْهِبَةِ لِمِثْلِهِ أَوْ دُونِهِ كَقَوْلِنَا. فَإِنْ كَانَتْ لِأَعْلَى مِنْهُ، فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا تَقْتَضِي الثَّوَابَ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ، فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ، يَرْجِعُ فِيهَا إذَا لَمْ يَرْضَ مِنْهَا
وَلَنَا أَنَّهَا عَطِيَّةٌ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ، فَلَمْ تَقْتَضِ ثَوَابًا، كَهِبَةِ الْمِثْلِ وَالْوَصِيَّةِ، وَحَدِيثُ عُمَرَ قَدْ خَالَفَهُ ابْنُهُ وَابْنُ عَبَّاسٍ، فَإِنْ عَوَّضَهُ عَنْ الْهِبَةِ، كَانَتْ هِبَةً مُبْتَدَأَةً لَا عِوَضًا، أَيُّهُمَا أَصَابَ عَيْبًا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 6  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست