responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 6  صفحه : 474
وَلَنَا، حَدِيثُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، حِينَ سَأَلَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبْعَثَهُمَا عَلَى الصَّدَقَةِ، فَأَبَى أَنْ يَبْعَثَهُمَا.
وَقَالَ: «إنَّمَا هَذِهِ الصَّدَقَةُ أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» . وَحَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ أَيْضًا. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي تَحْرِيمِ أَخْذِهِمْ الْعِمَالَةَ، فَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ. وَيُفَارِقُ النَّقَّالَ وَالْحَمَّالَ وَالرَّاعِيَ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ أُجْرَةً لِحَمْلِهِ لَا لِعِمَالَتِهِ. وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ حُرًّا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَحْصُلُ مِنْهُ الْمَقْصُودُ كَالْحُرِّ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ عَامِلًا كَالْحُرِّ. وَلَا كَوْنُهُ فَقِيهًا إذَا كُتِبَ لَهُ مَا يَأْخُذُهُ، وَحُدَّ لَهُ، كَمَا كَتَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَّالِهِ فَرَائِضَ الصَّدَقَةِ، وَكَمَا كَتَبَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَّالِهِ، أَوْ بَعَثَ مَعَهُ مَنْ يُعَرِّفُهُ ذَلِكَ. وَلَا كَوْنُهُ فَقِيرًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْعَامِلَ صِنْفًا غَيْرَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، فَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ مَعْنَاهُمَا فِيهِ، كَمَا لَا يُشْتَرَطُ مَعْنَاهُ فِيهِمَا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، إلَّا لَخَمْسَةٍ؛ لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا، أَوْ لِرَجُلٍ ابْتَاعَهَا بِمَالِهِ، أَوْ لِرَجُلٍ كَانَ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ فَتَصَدَّقَ عَلَى الْمِسْكِينِ، فَأَهْدَى الْمِسْكِينُ إلَى الْغَنِيِّ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَذَكَرَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ؛ لِأَنَّ الْعِمَالَةَ وِلَايَةٌ، فَنَافَاهَا الرِّقُّ، كَالْقَضَاءِ. وَيُشْتَرَطُ الْفِقْهُ؛ لِيَعْلَم قَدْرَ الْوَاجِبِ وَصِفَتَهُ. وَلَنَا، مَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَا نُسَلِّمُ مُنَافَاةَ الرِّقِّ لِلْوِلَايَاتِ الدِّينِيَّةِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا فِي الصَّلَاةِ، وَمُفْتِيًا، وَرَاوِيًا لِلْحَدِيثِ، وَشَاهِدًا، وَهَذِهِ مِنْ الْوِلَايَاتِ الدِّينِيَّةِ.
وَأَمَّا الْفِقْهُ، فَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِمَعْرِفَةِ مَا يَأْخُذُهُ وَيَتْرُكُهُ، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِالْكِتَابِ لَهُ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبَاهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

[فَصْلٌ الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِي أَجْر عَامِلِ الزَّكَاة]
(5104) فَصْلٌ: وَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلَ إجَارَةً صَحِيحَةً، بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ، إمَّا عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، وَإِمَّا عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ، وَبَيْنَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ جَعْلًا مَعْلُومًا عَلَى عَمَلِهِ، فَإِذَا عَمِلَهُ اسْتَحَقَّ الْمَشْرُوطَ، وَإِنْ شَاءَ بَعَثَهُ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ ثُمَّ أَعْطَاهُ؛ فَإِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «بَعَثَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا رَجَعْت عَمَّلَنِي، فَقُلْت: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ مِنِّي.» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. فَإِنْ تَلْفِت الصَّدَقَةُ فِي يَدِهِ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى أَرْبَابِهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَيَسْتَحِقُّ أَجْرَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ أُعْطِيَ أَجْرَ عَمَلِهِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ أَقَلَّ.
ثُمَّ قُسِّمَ الْبَاقِي عَلَى أَرْبَابِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مُؤْنَتِهَا، فَجَرَى مَجْرَى عَلْفِهَا وَمُدَاوَاتِهَا. وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَعْطَاهُ أُجْرَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ يَجْعَلُ لَهُ رِزْقًا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا يُعْطِيهِ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 6  صفحه : 474
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست