responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 6  صفحه : 445
لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ رَدِّ الْوَدِيعَةِ عَلَى مَالِكِهَا، إذَا طَلَبِهَا، فَأَمْكَنَ أَدَاؤُهَا إلَيْهِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ، فَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] . وَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» يَعْنِي عِنْدَ طَلَبِهَا. وَلِأَنَّهَا حَقٌّ لِمَالِكِهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ غَيْرِهِ، فَلَزِمَ أَدَاؤُهَا إلَيْهِ، كَالْمَغْصُوبِ وَالدَّيْنِ الْحَالِ.
فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ، فَتَلِفَتْ، ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا، لِكَوْنِهِ أَمْسَكَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ، فَأَشْبَهَ الْغَاصِبَ. فَأَمَّا إنْ طَلَبِهَا فِي وَقْتٍ لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهَا إلَيْهِ، لِبُعْدِهَا، أَوْ لِمَخَافَةٍ فِي طَرِيقِهَا، أَوْ لِلْعَجْزِ عَنْ حَمْلِهَا، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا بِتَرْكِ تَسْلِيمِهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا. وَإِنْ تَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا؛ لِعَدَمِ عُدْوَانِهِ. وَإِنْ قَالَ أَمْهِلُونِي حَتَّى أَقْضِيَ صَلَاتِي، أَوْ آكُلَ، فَإِنِّي جَائِعٌ أَوْ أَنَامَ فَإِنِّي نَاعِسٌ، أَوْ يَنْهَضِمَ عَنِّي الطَّعَامُ فَإِنِّي مُمْتَلِئٌ أُمْهِلَ بِقَدْرِ ذَلِكَ.

[فَصْلٌ لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ مُؤْنَةُ الرَّدِّ وَحَمْلُهَا إلَى رَبِّهَا إذَا كَانَتْ مِمَّا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ]
(5057) فَصْلٌ: وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ مُؤْنَةُ الرَّدِّ وَحَمْلُهَا إلَى رَبِّهَا إذَا كَانَتْ مِمَّا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ، قُلْت الْمُؤْنَةُ أَوْ كَثُرَتْ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَةِ مَالِكِهَا عَلَى الْخُصُوصِ، فَلَمْ تَلْزَمْهُ الْغَرَامَةُ عَلَيْهَا، كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي حِفْظِهَا فِي مِلْكِ صَاحِبِهَا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّمْكِينُ مِنْ أَخْذِهَا. وَإِنْ سَافَرَ بِهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا، فَعَلَيْهِ رَدُّهَا إلَى بَلَدِهَا، لِأَنَّهُ أَبْعَدَهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا، فَلَزِمَهُ رَدُّهَا، كَالْغَاصِبِ.

[مَسْأَلَةٌ إذَا مَاتَ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ لَا تَتَمَيَّزُ مِنْ مَالِهِ]
(5058) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا مَاتَ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ لَا تَتَمَيَّزُ مِنْ مَالِهِ، فَصَاحِبُهَا غَرِيمٌ بِهَا) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا مَاتَ، وَثَبَتَ أَنَّ عِنْدَهُ وَدِيعَةً لَمْ تُوجَدْ بِعَيْنِهَا، فَهِيَ دَيْنٌ عَلَيْهِ، يَغْرَمُ مِنْ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ سِوَاهَا، فَهِيَ وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ فَإِنْ وَفَتْ تَرِكَتُهُ بِهِمَا، وَإِلَّا اقْتَسَمَاهَا بِالْحِصَصِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَدَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ وَإِسْحَاقُ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ شُرَيْحٍ، وَمَسْرُوقٍ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. وَرُوِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ: الْأَمَانَةُ قَبْلَ الدَّيْنِ. وَقَالَ الْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ: الدَّيْنُ قَبْلَ الْأَمَانَةِ. وَلَنَا، أَنَّهُمَا حَقَّانِ وَجَبَا فِي ذِمَّتِهِ، فَتَسَاوَيَا كَالدَّيْنَيْنِ، وَسَوَاءٌ وُجِدَ فِي تَرِكَتِهِ مِنْ جِنْسِ الْوَدِيعَةِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ. وَهَذَا إذَا أَقَرَّ الْمُودَعُ أَنَّ عِنْدِي وَدِيعَةً أَوْ عَلَيَّ وَدِيعَةٌ لَفُلَانٍ، أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ مَاتَ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ، فَأَمَّا إنْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فِي حَيَاتِهِ، وَلَمْ تُوجَدُ بِعَيْنِهَا، وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ عِنْدَهُ أَوْ تَلِفَتْ. فَفِيهِ وَجْهَانِ؛

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 6  صفحه : 445
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست