responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 6  صفحه : 22
مِثْلَ أَنْ يَقِفَ عَلَى قَوْمٍ يَجُوزُ انْقِرَاضُهُمْ بِحُكْمِ الْعَادَةِ، وَلَمْ يَجْعَلْ آخِرَهُ لِلْمَسَاكِينِ، وَلَا لِجِهَةٍ غَيْرِ مُنْقَطِعَةٍ، فَإِنَّ الْوَقْفَ يَصِحُّ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لَا يَصِحُّ. وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ مُقْتَضَاهُ التَّأْبِيدُ.
فَإِذَا كَانَ مُنْقَطِعًا صَارَ وَقْفًا عَلَى مَجْهُولٍ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَجْهُولٍ فِي الِابْتِدَاءِ. وَلَنَا أَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَعْلُومُ الْمَصْرِفِ، فَصَحَّ، كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِمَصْرِفِهِ الْمُتَّصِلِ، وَلِأَنَّ الْإِطْلَاقَ إذَا كَانَ لَهُ عُرْفٌ، حُمِلَ عَلَيْهِ، كَنَقْدِ الْبَلَدِ وَعُرْفِ الْمَصْرِفِ، وَهَاهُنَا هُمْ أَوْلَى الْجِهَاتِ بِهِ، فَكَأَنَّهُ عَيَّنَهُمْ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ عِنْدَ انْقِرَاضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إلَى أَقَارِبِ الْوَاقِفِ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْمَسَاكِينِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ؛ لِأَنَّهُ مَصْرِفُ الصَّدَقَاتِ وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَنَحْوِهَا، فَإِذَا وُجِدَتْ صَدَقَةٌ غَيْرُ مُعَيَّنَةِ الْمَصْرِفِ، انْصَرَفَتْ إلَيْهِمْ، كَمَا لَوْ نَذَرَ صَدَقَةً مُطْلَقَةً. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ، أَنَّهُ يُجْعَلُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ، فَأَشْبَهَ مَالَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَرْجِعُ إلَى الْوَاقِفِ وَإِلَى وَرَثَتِهِ، إلَّا أَنْ يَقُولَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ، يُنْفَقُ مِنْهَا عَلَى فُلَانٍ وَعَلَى فُلَانٍ.
فَإِذَا انْقَرَضَ الْمُسَمَّى كَانَتْ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ. لِأَنَّهُ جَعَلَهَا صَدَقَةً عَلَى مُسَمًّى، فَلَا تَكُونُ عَلَى غَيْرِهِ، وَيُفَارِقُ مَا إذَا قَالَ: يُنْفَقُ مِنْهَا عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ. فَإِنَّهُ جَعَلَ الصَّدَقَةَ مُطْلَقَةً. وَلَنَا أَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى صَرْفِهِ إلَى أَقَارِبِ الْوَاقِفِ، أَنَّهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِصَدَقَتِهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَدَقَتُك عَلَى غَيْرِ رَحِمِك صَدَقَةٌ، وَصَدَقَتُك عَلَى رَحِمِك صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ»
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّك أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» . وَلِأَنَّ فِيهِ إغْنَاءَهُمْ وَصِلَةَ أَرْحَامِهِمْ، لِأَنَّهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِصَدَقَاتِهِ النَّوَافِلِ وَالْمَفْرُوضَاتِ، كَذَلِكَ صَدَقَتُهُ الْمَنْقُولَةُ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَغْنِيَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَخْتَصُّ الْفُقَرَاءَ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، تَنَاوَلَ الْفُقَرَاءَ وَالْأَغْنِيَاءَ، كَذَا هَاهُنَا. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرِ، أَنَّهُ يَخْتَصُّ الْفُقَرَاءَ مِنْهُمْ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الصَّدَقَاتِ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ، وَلِأَنَّا خَصَصْنَاهُمْ بِالْوَقْفِ لِكَوْنِهِمْ أَوْلَى النَّاسِ بِالصَّدَقَةِ، وَأَوْلَى النَّاسِ بِالصَّدَقَةِ الْفُقَرَاءُ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ
وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي مَنْ يَسْتَحِقُّ الْوَقْفَ مِنْ أَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ، فَفِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، يَرْجِعُ إلَى الْوَرَثَةِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ صَرَفَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِمْ مَالَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ، فَكَذَلِكَ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ مِنْ صَدَقَتِهِ مَا لَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَصْرِفًا، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّك

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 6  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست