responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 6  صفحه : 203
الضَّرْبُ الثَّالِثُ، مَنْ تَحَقَّقَ تَعْجِيلُ مَوْتِهِ، فَيُنْظَرُ فِيهِ؛ فَإِنْ كَانَ عَقْلُهُ قَدْ اخْتَلَّ، مِثْلَ مَنْ ذُبِحَ، أَوْ أُبِينَتْ حَشْوَتُهُ، فَهَذَا لَا حُكْمَ لِكَلَامِهِ وَلَا لِعَطِيَّتِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى لَهُ عَقْلٌ ثَابِتٌ، وَإِنْ كَانَ ثَابِتَ الْعَقْلِ، كَمَنْ خُرِقَتْ حَشْوَتُهُ، أَوْ اشْتَدَّ مَرَضُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ عَقْلُهُ، صَحَّ تَصَرُّفُهُ وَتَبَرُّعُهُ، وَكَانَ تَبَرُّعُهُ مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَرَجَتْ حَشْوَتُهُ، فَقُبِلَتْ وَصِيَّتُهُ، وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي ذَلِكَ. وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ ضَرْبِ ابْنِ مُلْجَمٍ أَوْصَى وَأَمَرَ وَنَهَى، فَلَمْ يُحْكَمْ بِبُطْلَانِ قَوْلِهِ. الضَّرْبُ الرَّابِعُ، مَرَضٌ مَخُوفٌ، لَا يَتَعَجَّلُ مَوْتُ صَاحِبِهِ يَقِينًا، لَكِنَّهُ يَخَافُ ذَلِكَ، كَالْبِرْسَامِ، وَهُوَ بُخَارٌ يَرْقَى إلَى الرَّأْسِ، وَيُؤَثِّرُ فِي الدِّمَاغِ، فَيَخْتَلُّ الْعَقْلُ، وَالْحُمَّى الصَّالِبُ، وَالرُّعَافُ الدَّائِمُ؛ لِأَنَّهُ يُصَفِّي الدَّمَ، فَيُذْهِبُ الْقُوَّةَ، وَذَاتَ الْجَنْبِ وَهُوَ قُرْحٌ بِبَاطِنِ الْجَنْبِ، وَوَجَعِ الْقَلْبِ وَالرِّئَةِ؛ فَإِنَّهَا لَا تَسْكُنُ حَرَكَتُهَا، فَلَا يَنْدَمِلُ جُرْحُهَا، وَالْقُولَنْجِ، وَهُوَ أَنْ يَنْعَقِدَ الطَّعَامُ فِي بَعْضِ الْأَمْعَاءِ، وَلَا يَنْزِلُ عَنْهُ، فَهَذِهِ كُلُّهَا مَخُوفَةٌ، سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا حُمَّى أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَهِيَ مَعَ الْحُمَّى أَشَدُّ خَوْفًا. فَإِنْ ثَاوَرَهُ الدَّمُ، وَاجْتَمَعَ فِي عُضْوٍ، كَانَ مَخُوفًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَرَارَةِ الْمُفْرِطَةِ. وَإِنْ هَاجَتْ بِهِ الصَّفْرَاءُ، فَهِيَ مَخُوفَةٌ؛ لِأَنَّهَا تُورِثُ يُبُوسَةً، وَكَذَلِكَ الْبَلْغَمُ إذَا هَاجَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شِدَّةِ الْبُرُودَةِ، وَقَدْ تَغْلِبُ عَلَى الْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ فَتُطْفِئُهَا. وَالطَّاعُونُ مَخُوفٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرَارَةِ، إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ. وَأَمَّا الْإِسْهَالُ، فَإِنْ كَانَ مُنْخَرِقًا لَا يُمْكِنُهُ مَنْعُهُ وَلَا إمْسَاكُهُ، فَهُوَ مَخُوفٌ، وَإِنْ كَانَ سَاعَةً؛ لِأَنَّ مَنْ لَحِقَهُ ذَلِكَ أَسْرَعَ فِي هَلَاكِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْخَرِقًا، لَكِنَّهُ يَكُونُ تَارَةً وَيَنْقَطِعُ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنْ فَضْلَةِ الطَّعَامِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ زَحِيرٌ وَتَقْطِيعٌ كَأَنْ يَخْرُجَ مُتَقَطِّعًا، فَإِنَّهُ يَكُونُ مَخُوفًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُ. وَإِنْ دَامَ الْإِسْهَالُ، فَهُوَ مَخُوفٌ، سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ زَحِيرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَمَا أَشْكَلَ أَمْرُهُ مِنْ الْأَمْرَاضِ، رُجِعَ فِيهِ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَهُمْ الْأَطِبَّاءُ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ وَالتَّجْرِبَةِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَلَا يُقْبَلُ إلَّا قَوْلُ طَبِيبَيْنِ مُسْلِمَيْنِ ثِقَتَيْنِ بَالِغَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْوَارِثِ وَأَهْلُ الْعَطَايَا، فَلَمْ يُقْبَلْ فِيهِ إلَّا ذَلِكَ. وَقِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الطَّبِيبِ الْعَدْلِ، إذَا لَمْ يُقْدَرْ عَلَى طَبِيبَيْنِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ الدَّعَاوَى.
فَهَذَا الضَّرْبُ وَمَا أَشْبَهِهِ، عَطَايَاهُ صَحِيحَةٌ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قِصَّةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ لَمَّا جُرِحَ سَقَاهُ الطَّبِيبُ لَبَنًا، فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: اعْهَدْ إلَى النَّاسِ. فَعَهِدَ إلَيْهِمْ وَوَصَّى، فَاتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى قَبُولِ عَهْدِهِ وَوَصِيَّتِهِ. وَأَبُو بَكْرٍ لَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُهُ، عَهِدَ إلَى عُمَرَ، فَنَفَّذَ عَهْدَهُ.

[مَسْأَلَةٌ عَطِيَّةُ الْحَامِلِ]
(4707) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ إذَا صَارَ لَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ)

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 6  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست