responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 433
وَسَوَاءٌ أَجْرَى فِيهِ الْمَاءَ أَوْ لَمْ يُجْرِ؛ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ يَحْصُلُ بِأَنْ يُهَيِّئَهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ دُونَ حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ، فَيَصِيرُ مَالِكًا لِقَرَارِ النَّهْرِ وَحَافَّتَيْهِ، وَهَوَاؤُهُ حَقٌّ لَهُ، وَكَذَلِكَ حَرِيمُهُ، وَهُوَ مُلْقَى الطِّينِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ
وَعِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِصَاحِبِ النَّهْرِ، وَإِنَّمَا هُوَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ، وَكَذَلِكَ حَرِيمُ الْبِئْرِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِصَاحِبِهِ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا لَمْ تُمْلَكْ، فَهِيَ لَهُ» . وَإِحْيَاؤُهَا أَنْ يُحَوِّطَ عَلَيْهَا حَائِطًا، أَوْ يَحْفِرَ فِيهَا بِئْرًا، فَيَكُونَ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا حَوَالَيْهَا، وَحَرِيمُ النَّهْرِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ
فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَكَانَ النَّهْرُ لِجَمَاعَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ الْعَمَلِ وَالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مُلِكَ بِالْعِمَارَةِ، وَالْعِمَارَةُ بِالنَّفَقَةِ، فَإِنْ كَفَى جَمِيعَهُمْ، فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِمْ، وَتَرَاضَوْا عَلَى قِسْمَتِهِ بِالْمُهَايَأَةِ أَوْ غَيْرِهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُمْ، لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ. وَإِنْ تَشَاحُّوا فِي قِسْمَتِهِ، قَسَمَهُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَمْلِكُ مِنْ النَّهْرِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، فَتُؤْخَذُ خَشَبَةٌ صُلْبَةٌ، أَوْ حَجَرٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَالْوَسَطِ، فَيُوضَعُ عَلَى مَوْضِعٍ مُسْتَوٍ مِنْ الْأَرْضِ، فِي مُقَدَّمِ الْمَاءِ، فِيهِ حُزُوزٌ، أَوْ ثُقُوبٌ مُتَسَاوِيَةٌ فِي السَّعَةِ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ، يَخْرُجُ مِنْ كُلِّ جُزْءٍ أَوْ ثُقْبٍ إلَى سَاقِيَةٍ مُفْرَدَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَإِذَا حَصَلَ الْمَاءُ فِي سَاقِيَتِهِ انْفَرَدَ بِهِ
فَإِنْ كَانَتْ أَمْلَاكُهُمْ مُخْتَلِفَةً قُسِّمَ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهُ، وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهُ، وَلِلْآخَرِ سُدُسُهُ، جُعِلَ فِيهِ سِتَّةُ ثُقُوبٍ، لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةُ نُصُبٍ فِي سَاقِيَتِهِ، وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ، وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ وَاحِدٌ. وَإِنْ كَانَ لَوَاحِدٍ الْخُمْسَانِ، وَالْبَاقِي لِاثْنَيْنِ يَتَسَاوَيَانِ فِيهِ، جُعِلَ عَشَرَةُ ثُقُوبٍ لِصَاحِبِ الْخُمْسَيْنِ أَرْبَعَةُ نُصُبٍ فِي سَاقِيَتِهِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ ثَلَاثَةُ نُصُبٍ فِي سَاقِيَةٍ لَهُ
فَإِنْ كَانَ النَّهْرُ لِعَشَرَةٍ، لِخَمْسَةٍ مِنْهُمْ أَرَاضٍ قَرِيبَةٌ مِنْ أَوَّلِ النَّهْرِ، وَلِخَمْسَةٍ أَرَاضٍ بَعِيدَةٌ، جُعِلَ لِأَصْحَابِ الْقَرِيبَةِ خَمْسَةُ ثُقُوبٍ، لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُقْبٌ، وَجُعِلَ لِلْبَاقِينَ خَمْسَةٌ، تَجْرِي فِي النَّهْرِ حَتَّى تَصِلَ إلَى أَرْضِهِمْ، ثُمَّ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ قِسْمَةً أُخْرَى. وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يُجْرِيَ مَاءَهُ فِي سَاقِيَةِ غَيْرِهِ، لِيُقَاسِمَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي سَاقِيَتِهِ، وَيُخَرِّبُ حَافَّتَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَيَخْلِطُ حَقَّهُ بِحَقِّ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ، فَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ. وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِنَا " إنَّ الْمَاءَ لَا يُمْلَكُ " أَنَّ حُكْمَ الْمَاءِ فِي هَذَا النَّهْرِ حُكْمُهُ فِي نَهْرٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ، وَأَنَّ الْأَسْبَقَ أَحَقُّ بِالسَّقْيِ مِنْهُ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ، فَكَانَ الْأَسْبَقُ إلَيْهِ أَحَقَّ بِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ فِي نَهْرٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْفَصْلِ كُلِّهِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 433
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست