responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 87
عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ - يُعْنَى لِعُمَرَ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ: بِعْنِيهِ. فَقَالَ: هُوَ لَك يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هُوَ لَك يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْت» . وَهَذَا ظَاهِرُهُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ بِالْهِبَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَاشْتَرَى مِنْ جَابِرٍ جَمَلَهُ، وَنَقَدَهُ ثَمَنَهُ، ثُمَّ وَهَبَهُ إيَّاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَلِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَجَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ. كَالْمَنَافِعِ فِي الْإِجَارَةِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إجَارَةُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَنَافِعِ.
وَلِأَنَّهُ مَبِيعٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، فَصَحَّ بَيْعُهُ، كَالْمَالِ فِي يَدِ مُودِعِهِ، أَوْ مُضَارِبِهِ. فَأَمَّا أَحَادِيثُهُمْ، فَقَدْ قِيلَ: لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا إلَّا حَدِيثُ الطَّعَامِ، وَهُوَ حُجَّةٌ لَنَا بِمَفْهُومِهِ، فَإِنَّ تَخْصِيصَهُ الطَّعَامَ بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ ذَلِكَ فِيمَا سِوَاهُ. وَقَوْلُهُمْ: لَمْ يَتِمَّ الْمِلْكُ عَلَيْهِ، مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ السَّبَبَ الْمُقْتَضِيَ لِلْمِلْكِ مُتَحَقِّقٌ، وَأَكْثَرُ مَا فِيهِ تَخَلُّفُ الْقَبْضِ، وَالْيَدُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ، بِدَلِيلِ جَوَازِ بَيْعِ الْمَالِ الْمُودَعِ، وَالْمَوْرُوثِ، وَالتَّصَرُّفِ فِي الصَّدَاقِ، وَعِوَضِ الْخُلْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
(2956) فَصْلٌ: وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِبَائِعِهِ؛ لِعُمُومِ الْخَبَرِ فِيهِ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ ابْتَاعَ شَيْئًا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ، فَلَقِيَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ، وَلَا أَخْذُ بَدَلِهِ، وَإِنْ تَرَاضَيَا؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ لَمْ يُقْبَضْ. فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ، جَازَ أَخْذُ الْبَدَلِ عَنْهُ. وَإِنْ كَانَ فِي سَلَمٍ لَمْ يَجُزْ أَخْذُ الْبَدَلِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.

[فَصْلٌ كَّلَ عِوَض مُلْك بِعَقْدِ يَنْفَسِخ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَجُزْ التَّصَرُّف فِيهِ قَبْلَ قَبَضَهُ]
(2957) فَصْلٌ: وَكُلُّ عِوَضٍ مُلِكَ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، لَمْ يَجُزْ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، كَاَلَّذِي ذَكَرْنَا. وَالْأُجْرَةُ، وَبَدَلُ الصُّلْحِ، إذَا كَانَا مِنْ الْمَكِيلِ، أَوْ الْمَوْزُونِ، أَوْ الْمَعْدُودِ، وَمَا لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهِ، جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، كَعِوَضِ الْخُلْعِ، وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ، وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَقِيمَةِ الْمُتْلَفِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلِقَ لِلتَّصَرُّفِ الْمِلْكُ، وَقَدْ وُجِدَ. لَكِنَّ مَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ غَرَرُ الِانْفِسَاخِ بِهَلَاكِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، لَمْ يَجُزْ بِنَاءُ عَقْدٍ آخَرَ عَلَيْهِ؛ تَحَرُّزًا مِنْ الْغَرَرِ. وَمَا لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ ذَلِكَ الْغَرَرُ، انْتَفَى الْمَانِعُ، فَجَازَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَالْمَهْرُ كَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَوَافَقَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي غَيْرِ الْمُتَعَيِّنِ: لِأَنَّهُ يُخْشَى رُجُوعُهُ بِانْتِقَاضِ سَبَبِهِ بِالرِّدَّةِ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ انْفِسَاخُهُ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ، أَوْ نِصْفِهِ بِالطَّلَاقِ، أَوْ انْفِسَاخُهُ بِسَبَبِ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهَا. وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ بَاطِلٌ بِمَا بَعْدَ الْقَبْضِ، فَإِنَّ قَبْضَهُ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ.
وَأَمَّا مَا مُلِكَ بِإِرْثٍ، أَوْ وَصِيَّةٍ، أَوْ غَنِيمَةٍ، وَتَعَيَّنَ مِلْكُهُ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 87
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست