responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 46
الشَّكِّ وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ، بِإِسْنَادِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ فِي الْوَسْقِ وَالْوَسْقَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَالْأَرْبَعَةِ.» وَالتَّخْصِيصُ بِهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الْعَدَدِ عَلَيْهِ، كَمَا اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ؛ لِتَخْصِيصِهِ إيَّاهَا بِالذِّكْرِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَهْلٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ؛ النَّخْلَةِ وَالنَّخْلَتَيْنِ.» وَلِأَنَّ خَمْسَةَ الْأَوْسُقِ فِي حُكْمِ مَا زَادَ عَلَيْهَا؛ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا دُونَ مَا نَقَصَ عَنْهَا، وَلِأَنَّهَا قَدْرٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ، فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ عَرِيَّةً، كَالزَّائِدِ عَلَيْهَا. فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: أَرْخَصَ فِي الْعَرِيَّةِ مُطْلَقًا، فَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ الرُّخْصَةَ الْمُطْلَقَةَ سَابِقَةٌ عَلَى الرُّخْصَةِ الْمُقَيَّدَةِ، وَلَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهَا، بَلْ الرُّخْصَةُ وَاحِدَةٌ، رَوَاهَا بَعْضُهُمْ مُطْلَقَةً وَبَعْضُهُمْ مُقَيَّدَةً، فَيَجِبُ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَيَصِيرُ الْقَيْدُ الْمَذْكُورُ فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ كَأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي الْآخَرِ، وَلِذَلِكَ يُقَيَّدُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسَةِ، اتِّفَاقًا.

[فَصْلٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَكْثَرِ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فِيمَا زَادَ عَلَى صَفْقَةٍ]
(2868) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، فِيمَا زَادَ عَلَى صَفْقَةٍ، سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ جَمَاعَةٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ بَيْعُ جَمِيعِ ثَمَرِ حَائِطِهِ عَرَايَا، مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَمِنْ رِجَالٍ، فِي عُقُودٍ مُتَكَرِّرَةٍ؛ لِعُمُومِ حَدِيثِ زَيْدٍ وَسَهْلٍ، وَلِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ جَازَ مَرَّةً، جَازَ أَنْ يَتَكَرَّرَ، كَسَائِرِ الْبُيُوعِ.
وَلَنَا، عُمُومُ النَّهْيِ عَنْ الْمُزَابَنَةِ، اسْتَثْنَى مِنْهُ الْعَرِيَّةَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، فَمَا زَادَ يَبْقَى عَلَى الْعُمُومِ فِي التَّحْرِيمِ. وَلِأَنَّ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ مَرَّةً إذَا كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا، لَا يَجُوزُ فِي عَقْدَيْنِ، كَاَلَّذِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَكَالْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، فَأَمَّا حَدِيثُ سَهْلٍ فَإِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالنَّخْلَةِ وَالنَّخْلَتَيْنِ؛ بِدَلِيلِ مَا رَوَيْنَا، فَيَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ إنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا فِي الْعَقْدِ الْوَاحِدِ. فَأَمَّا إنْ بَاعَ رَجُلٌ عَرِيَّتَيْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ فِيهِمَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ جَازَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي: لَا يَجُوزُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْمُشْتَرِي. وَلَنَا أَنَّ الْمُغَلِّبَ فِي التَّجْوِيزِ حَاجَةُ الْمُشْتَرِي؛ بِدَلِيلِ مَا رَوَى مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ قَالَ: «قُلْت لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: مَا عَرَايَاكُمْ هَذِهِ؟ فَسَمَّى رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ، شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ، وَعِنْدَهُمْ فُضُولٌ مِنْ التَّمْرِ، فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ يَأْكُلُونَهُ رُطَبًا.» وَإِذَا كَانَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ حَاجَةَ الْمُشْتَرِي، لَمْ تُعْتَبَرْ حَاجَةُ الْبَائِعِ إلَى الْبَيْعِ، فَلَا يَتَقَيَّدُ فِي حَقِّهِ بِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ.
وَلِأَنَّنَا لَوْ اعْتَبَرْنَا الْحَاجَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَحَاجَةَ الْبَائِعِ إلَى الْبَيْعِ، أَفْضَى إلَى أَنْ لَا يَحْصُلَ الْإِرْفَاقُ، إذْ لَا يَكَادُ يَتَّفِقُ وُجُودُ الْحَاجَتَيْنِ،

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 46
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست