responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 349
«لَا يَجُوزُ لَامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا» .
وَلِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ مُعَلَّقٌ بِمَالِهَا، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ " تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِمَالِهَا وَجَمَالِهَا وَدِينِهَا ". وَالْعَادَةُ أَنَّ الزَّوْجَ يَزِيدُ فِي مَهْرِهَا مِنْ أَجْلِ مَالِهَا، وَيَتَبَسَّطُ فِيهِ، وَيَنْتَفِعُ بِهِ، فَإِذَا أُعْسِرَ بِالنَّفَقَةِ أَنْظَرَتْهُ، فَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى حُقُوقِ الْوَرَثَةِ الْمُعَلَّقَةِ بِمَالِ الْمَرِيضِ.
وَلَنَا، قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] . وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُمْ، وَإِطْلَاقِهِمْ فِي التَّصَرُّفِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ» «. وَأَنَّهُنَّ تَصَدَّقْنَ فَقَبِلَ صَدَقَتَهُنَّ وَلَمْ يَسْأَلْ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ» «. وَأَتَتْهُ زَيْنَبُ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ وَامْرَأَةٌ أُخْرَى اسْمُهَا زَيْنَبُ فَسَأَلَتْهُ عَنْ الصَّدَقَةِ، هَلْ يَجْزِيهِنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، وَأَيْتَامٍ لَهُنَّ؟ فَقَالَ: نَعَمْ» وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُنَّ هَذَا الشَّرْطَ، وَلِأَنَّ مَنْ وَجَبَ دَفْعُ مَالِهِ إلَيْهِ لِرُشْدٍ، جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ كَالْغُلَامِ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ، وَلَا حَقَّ لِزَوْجِهَا فِي مَالِهَا. فَلَمْ يَمْلِكْ الْحَجْرَ عَلَيْهَا فِي التَّصَرُّفِ بِجَمِيعِهِ، كَأُخْتِهَا.
وَحَدِيثُهُمْ ضَعِيفٌ وَشُعَيْبٌ لَمْ يُدْرِكْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، فَهُوَ مُرْسَلٌ. وَعَلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَطِيَّتُهَا لِمَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ عَطِيَّتُهَا مَا دُونَ الثُّلُثِ مِنْ مَالِهَا، وَلَيْسَ مَعَهُمْ حَدِيثٌ يَدُلُّ عَلَى تَحْدِيدِ الْمَنْعِ بِالثُّلُثِ، فَالتَّحْدِيدُ بِذَلِكَ تَحَكُّمٌ لَيْسَ فِيهِ تَوْقِيفٌ، وَلَا عَلَيْهِ دَلِيلٌ.
وَقِيَاسُهُمْ عَلَى الْمَرِيضِ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِوُجُوهِ؛ أَحَدِهَا، أَنَّ الْمَرَضَ سَبَبٌ يُفْضِي إلَى وُصُولِ الْمَالِ إلَيْهِمْ بِالْمِيرَاثِ، وَالزَّوْجِيَّة إنَّمَا تَجْعَلُهُ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ، فَهِيَ أَحَدُ وَصَفِّي الْعِلَّةِ، فَلَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِمُجَرَّدِهَا، كَمَا لَا يَثْبُتُ لِلْمَرْأَةِ الْحَجْرُ عَلَى زَوْجِهَا، وَلَا لِسَائِرِ الْوُرَّاثِ بِدُونِ الْمَرَضِ. الثَّانِي: أَنَّ تَبَرُّعَ الْمَرِيضِ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ، صَحَّ تَبَرُّعُهُ، وَهَا هُنَا أَبْطَلُوهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالْفَرْعُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَصْلِهِ. الثَّالِثُ، أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مُنْتَقِضٌ بِالْمَرْأَةِ، فَإِنَّهَا تَنْتَفِعُ بِمَالِ زَوْجِهَا وَتَتَبَسَّطُ فِيهِ عَادَةً، وَلَهَا النَّفَقَةُ مِنْهُ، وَانْتِفَاعُهَا بِمَالِهِ أَكْثَرُ مِنْ انْتِفَاعِهِ بِمَالِهَا، وَلَيْسَ لَهَا الْحَجْرُ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ بِمَوْجُودِ فِي الْأَصْلِ، وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْقِيَاسِ وُجُودُ الْمَعْنَى الْمُثْبِتِ لِلْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ جَمِيعًا.

[فَصْلٌ الصَّدَقَةُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ]
فَصْلٌ: وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الصَّدَقَةُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ، بِغَيْرِ إذْنِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا، الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا، غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا، وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا كَسَبَ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ» . وَلَمْ يَذْكُرْ إذْنًا. وَعَنْ أَسْمَاءَ، أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست