responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 336
حَقِّهِ، وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى دَفْعِ عِوَضِهِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ السَّلَمِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْبَدَلِ عَنْهُ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ، فَلَا يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهِ.»

[فَصْلٌ هَلْ يُجْبِرُ الْحَاكِمُ الْمُفْلِسَ عَلَى إيجَارِ نَفْسِهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ]
(3460) فَصْلٌ: وَإِذَا فُرِّقَ مَالُ الْمُفْلِسِ، وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ، وَلَهُ صَنْعَةٌ، فَهَلْ يُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى إيجَارِ نَفْسِهِ، لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يُجْبِرُهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] .
وَلَمَّا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ، «أَنَّ رَجُلًا أُصِيبَ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا، وَكَثُرَ دَيْنُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ. فَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلِأَنَّ هَذَا تَكَسُّبٌ لِلْمَالِ، فَلَمْ يُجْبِرْهُ عَلَيْهِ، كَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَكَمَا لَا تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى التَّزْوِيجِ لِتَأْخُذَ الْمَهْرَ.
وَالثَّانِيَةُ، يُجْبَرُ عَلَى الْكَسْبِ. وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَوَّارٍ وَالْعَنْبَرِيِّ وَإِسْحَاقَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاعَ سَرَقًا فِي دَيْنِهِ، وَكَانَ سَرَقَ رَجُلًا دَخَلَ الْمَدِينَةَ، وَذَكَرَ أَنَّ وَرَاءَهُ مَالًا، فَدَايَنَهُ النَّاسُ، فَرَكِبَتْهُ دُيُونٌ، وَلَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ مَالٌ، فَسَمَّاهُ سَرَقًا، وَبَاعَهُ بِخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ. وَالْحُرُّ لَا يُبَاعُ، ثَبَتَ أَنَّهُ بَاعَ مَنَافِعَهُ. وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَجْرِي مَجْرَى الْأَعْيَانِ، فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَتَحْرِيمِ أَخْذِ الزَّكَاةِ، وَثُبُوتِ الْغِنَى بِهَا، فَكَذَلِكَ فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْهَا.
وَلِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَجَازَ إجْبَارُهُ عَلَيْهَا، كَبَيْعِ مَالِهِ فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْهَا. وَلِأَنَّهَا إجَارَةٌ لِمَا يَمْلِكُ إجَارَتَهُ، فَيُجْبَرُ عَلَيْهَا فِي وَفَاءِ دَيْنِهِ، كَإِجَارَةِ أَمِّ وَلَدِهِ. وَلِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ، فَلَزِمَهُ. كَمَالِكِ مَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ مِنْهُ. فَإِنْ قِيلَ: حَدِيثُ سَرَقٍ مَنْسُوخٌ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْحُرَّ لَا يُبَاعُ، وَالْبَيْعُ وَقَعَ عَلَى رَقَبَتِهِ، بِدَلِيلِ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْغُرَمَاءَ قَالُوا لِمُشْتَرِيهِ: مَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ أُعْتِقُهُ. قَالُوا: لَسْنَا بِأَزْهَدَ مِنْك فِي إعْتَاقِهِ. فَأَعْتَقُوهُ.
قُلْنَا: هَذَا إثْبَاتُ النَّسْخِ بِالِاحْتِمَالِ، وَلَا يَجُوزُ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ بَيْعَ الْحُرِّ كَانَ جَائِزًا فِي شَرِيعَتِنَا، وَحَمْلُ لَفْظِ بَيْعِهِ عَلَى بَيْعِ مَنَافِعِهِ أَسْهَلُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى بَيْعِ رَقَبَتِهِ الْمُحَرَّمِ، فَإِنَّ حَذْفَ الْمُضَافِ وَإِقَامَةَ الْمُضَافِ إلَيْهِ مُقَامَهُ سَائِغٌ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ، وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} [البقرة: 93]
{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} [البقرة: 177]
{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82]
وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " أُعْتِقُهُ ". أَيْ مِنْ حَقِّي عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ قَالَ: " فَأَعْتَقُوهُ " يَعْنِي الْغُرَمَاءَ، وَهُمْ لَا يَمْلِكُونَ إلَّا الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]
فَيَتَوَجَّه مَنْعُ كَوْنِهِ دَاخِلًا تَحْتَ عُمُومِهَا؛ فَإِنَّ هَذَا فِي حُكْمِ الْأَغْنِيَاءِ، فِي حِرْمَانِ الزَّكَاةِ، وَسُقُوطِ نَفَقَتِهِ عَنْ قَرِيبِهِ، وَوُجُوبِ نَفَقَةِ قَرِيبِهِ عَلَيْهِ، وَحَدِيثُهُمْ قَضِيَّةُ عَيْنٍ، لَا يَثْبُتُ حُكْمُهَا إلَّا فِي مِثْلِهَا، وَلَمْ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست