responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 68
أَيْضًا فِيهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ: يَبْتَدِئُ بِالدَّيْنِ فَيَقْضِيه، ثُمَّ يَنْظُرُ مَا بَقِيَ عِنْدَهُ بَعْدَ إخْرَاجِ النَّفَقَةِ، فَيُزَكِّي مَا بَقِيَ، وَلَا يَكُونُ عَلَى أَحَدٍ، دَيْنُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَالِهِ، صَدَقَةٌ فِي إبِلٍ، أَوْ بَقَرٍ، أَوْ غَنَمٍ، أَوْ زَرْعٍ، وَلَا زَكَاةٌ. وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَسُلَيْمَانَ، وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَإِسْحَاقَ، لِعُمُومِ مَا ذَكَرْنَا.
وَرُوِيَ، أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ فِيهَا. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ اخْتَلَفَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يُخْرِجُ مَا اسْتَدَانَ أَوْ أَنْفَقَ عَلَى ثَمَرَتِهِ وَأَهْلِهِ، وَيُزَكِّي مَا بَقِيَ. وَقَالَ الْآخَرُ: يُخْرِجُ مَا اسْتَدَانَ عَلَى ثَمَرَتِهِ، وَيُزَكِّي مَا بَقِيَ.
وَإِلَيْهِ أَذْهَبُ أَنْ لَا يُزَكِّيَ مَا أَنْفَقَ عَلَى ثَمَرَتِهِ خَاصَّةً، وَيُزَكِّي مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الْمُصَدِّقَ إذَا جَاءَ فَوَجَدَ إبِلًا، أَوْ بَقَرًا، أَوْ غَنَمًا، لَمْ يَسْأَلْ أَيَّ شَيْءٍ عَلَى صَاحِبِهَا مِنْ الدَّيْنِ، وَلَيْسَ الْمَالُ هَكَذَا. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، لَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ الزَّكَاةَ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ، إلَّا فِي الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ، فِيمَا اسْتَدَانَهُ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا خَاصَّةً.
وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْخَرَاجِ: يُخْرِجُهُ، ثُمَّ يُزَكِّي مَا بَقِيَ. جَعَلَهُ كَالدَّيْنِ عَلَى الزَّرْعِ. وَقَالَ فِي الْمَاشِيَةِ الْمَرْهُونَةِ: (يُؤَدِّي مِنْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُؤَدِّي عَنْهَا) . فَأَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِيهَا مَعَ الدَّيْنِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الدَّيْنُ الَّذِي تَتَوَجَّهُ فِيهِ الْمُطَالَبَةُ يَمْنَعُ فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ، إلَّا الزَّرْعَ وَالثِّمَارَ. بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا لَيْسَ بِصَدَقَةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ أَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِالظَّاهِرَةِ آكَدُ، لِظُهُورِهَا وَتَعَلُّقِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ بِهَا، وَلِهَذَا يُشْرَعُ إرْسَالُ مِنْ يَأْخُذُ صَدَقَتَهَا مِنْ أَرْبَابِهَا، «وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْعَثُ السُّعَاةَ، فَيَأْخُذُونَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَرْبَابِهَا» وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ، وَعَلَى مَنْعِهَا قَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ أَنَّهُمْ اسْتَكْرَهُوا أَحَدًا عَلَى صَدَقَةِ الصَّامِتِ، وَلَا طَالَبُوهُ بِهَا، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِهَا طَوْعًا، وَلِأَنَّ السُّعَاةَ يَأْخُذُونَ زَكَاةَ مَا يَجِدُونَ، وَلَا يَسْأَلُونَ عَمَّا عَلَى صَاحِبِهَا مِنْ الدَّيْنِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ زَكَاتَهَا، وَلِأَنَّ تَعَلُّقَ أَطْمَاعِ الْفُقَرَاءِ بِهَا أَكْثَرُ،
وَالْحَاجَةَ
إلَى حِفْظِهَا أَوْفَرُ، فَتَكُونُ الزَّكَاةُ فِيهَا أَوْكَدُ.

[فَصْلُ اسْتِغْرَاق الدَّيْنُ نِصَابَ الزَّكَاةَ]
(1933) فَصْلٌ: وَإِنَّمَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ الزَّكَاةَ، إذَا كَانَ يَسْتَغْرِقُ النِّصَابِ أَوْ يَنْقُصُهُ، وَلَا يَجِدُ مَا يَقْضِيه بِهِ سِوَى النِّصَابِ، أَوْ مَا لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عِشْرُونَ مِثْقَالًا، وَعَلَيْهِ مِثْقَالٌ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ، مِمَّا يَنْقُصُ بِهِ النِّصَابُ إذَا قَضَاهُ بِهِ، وَلَا يَجِدُ قَضَاءً لَهُ مِنْ غَيْرِ النِّصَابِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُونَ مِثْقَالًا، وَعَلَيْهِ عَشَرَةٌ، فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْعِشْرِينَ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ، فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ، فَعَلَيْهِ زَكَاةُ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ. وَلَوْ أَنَّ لَهُ مِائَةً مِنْ الْغَنَمِ، وَعَلَيْهِ مَا يُقَابِلُ سِتِّينَ، فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْأَرْبَعِينَ.
فَإِنْ كَانَ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست