responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 487
الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَلَمْ يَمْنَعْ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ مِنْ قَبْضِهِ، فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَيَكُونُ كَتَلَفِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ. وَأَمَّا إنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَيَبْطُلُ خِيَارُهُ.
وَفِي خِيَارِ الْبَائِعِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يَبْطُلُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ فَسْخٍ، فَبَطَلَ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ، كَخِيَارِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إذَا تَلِفَ الْمَعِيبُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، لَا يَبْطُلُ، وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَفْسَخَ وَيُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِقِيمَتِهِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» . وَلِأَنَّهُ خِيَارُ فَسْخٍ، فَلَمْ يَبْطُلْ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِثَوْبٍ، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا، وَوَجَدَ الْآخَرُ بِالثَّوْبِ عَيْبًا، فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ، وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ، كَذَا هَاهُنَا.
وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي، فَإِنَّ خِيَارَهُ يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ، وَفِي بُطْلَانِ خِيَارِ الْبَائِعِ رِوَايَتَانِ، كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ. وَخِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَخِيَارُ الشَّرْطِ فِي هَذَا كُلِّهِ سَوَاءٌ.

[فَصْل تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ]
(2759) فَصْلٌ: وَمَتَى تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ تَصَرُّفًا يَخْتَصُّ الْمِلْكَ، بَطَلَ خِيَارُهُ، كَإِعْتَاقِ الْعَبْدِ، وَكِتَابَتِهِ، وَبَيْعِهِ، وَهِبَتِهِ، وَوَطْءِ الْجَارِيَةِ، أَوْ مُبَاشَرَتِهَا، أَوْ لَمْسِهَا لِشَهْوَةِ، وَوَقْفِ الْمَبِيعِ، وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِحَاجَتِهِ، أَوْ سَفَرٍ، أَوْ حَمْلِهِ عَلَيْهَا، أَوْ سُكْنَى الدَّارِ، وَرَمِّهَا، وَحَصَادِ الزَّرْعِ، وَقَصْلٍ مِنْهُ، فَمَا وُجِدَ مِنْ هَذَا فَهُوَ رِضَاءٌ بِالْمَبِيعِ، وَيَبْطُلُ بِهِ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ يَبْطُلُ بِالتَّصْرِيحِ بِالرِّضَاءِ، وَبِدَلَالَتِهِ، وَلِذَلِكَ يَبْطُلُ خِيَارُ الْمُعْتَقَةِ بِتَمْكِينِهَا الزَّوْجَ مِنْ وَطْئِهَا، «وَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنْ وَطِئَك فَلَا خِيَارَ لَك» .
وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. فَأَمَّا رُكُوبُ الدَّابَّةِ لِيَنْظُرَ سَيْرَهَا، وَالطَّحْنُ عَلَى الرَّحَى لِيَعْلَمَ قَدْرَ طَحْنِهَا، وَحَلْبُ الشَّاةِ لِيَعْلَمَ قَدْرَ لَبَنِهَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَلَيْسَ بِرِضَا بِالْبَيْعِ، وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْخِيَارِ، وَهُوَ اخْتِبَارُ الْمَبِيعِ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَجْهًا فِي أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي لَا يُبْطِلُ خِيَارَهُ، وَلَا يَبْطُلُ إلَّا بِالتَّصْرِيحِ بِالرِّضَا.
وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ هَذَا يَتَضَمَّنُ إجَازَةَ الْبَيْعِ، وَيَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهِ، فَبَطَلَ بِهِ الْخِيَارُ كَصَرِيحِ الْقَوْلِ. وَلِأَنَّ التَّصْرِيحَ إنَّمَا أَبْطَلَ الْخِيَارَ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَا بِهِ، فَمَا دَلَّ عَلَى الرِّضَا بِهِ يَقُومُ مَقَامَهُ، كَكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ، تَقُومُ مَقَامَ صَرِيحِهِ.
وَإِنْ عَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ، أَوْ بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا، أَوْ عَرَضَهُ عَلَى الرَّهْنِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ التَّصَرُّفَات، أَوْ وَهَبَهُ، فَلَمْ يَقْبَلْ الْمَوْهُوبُ لَهُ، بَطَلَ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهِ. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا اشْتَرَطَ الْخِيَارَ، فَبَاعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِرِبْحٍ، فَالرِّبْحُ لِلْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ حِينَ عَرَضَهُ.
وَإِنْ اسْتَخْدَمَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ، وَقَالَ أَبُو الصَّقْرِ: قُلْت لِأَحْمَدَ: رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً، وَلَهُ الْخِيَارُ فِيهَا يَوْمَيْنِ، فَانْطَلَقَ بِهَا، فَغَسَلَتْ رَأْسَهُ، أَوْ غَمَزَتْ رِجْلَهُ، أَوْ طَحَنَتْ لَهُ، أَوْ خَبَزَتْ، هَلْ يَسْتَوْجِبُهَا بِذَلِكَ؟

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 487
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست