responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 483
مُخَالَفَتَهُ لِلْحَدِيثِ، مَعَ رِوَايَتِهِ لَهُ، وَثُبُوتِهِ عِنْدَهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا أَدْرِي هَلْ اتَّهَمَ مَالِكٌ نَفْسَهُ أَوْ نَافِعًا؟ وَأُعْظِمُ أَنْ أَقُولَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: يُسْتَتَابُ مَالِكٌ فِي تَرْكِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ.
فَإِنْ قِيلَ: الْمُرَادُ بِالتَّفَرُّقِ هَاهُنَا التَّفَرُّقُ بِالْأَقْوَالِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [البينة: 4] .
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً» . أَيْ بِالْأَقْوَالِ وَالِاعْتِقَادَاتِ. قُلْنَا: هَذَا بَاطِلٌ لِوُجُوهٍ: مِنْهَا، أَنَّ اللَّفْظَ لَا يَحْتَمِلُ مَا قَالُوهُ؛ إذْ لَيْسَ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ تَفَرُّقٌ بِلَفْظٍ وَلَا اعْتِقَادٍ، إنَّمَا بَيْنَهُمَا اتِّفَاقٌ عَلَى الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ بَعْدَ الِاخْتِلَافِ فِيهِ. الثَّانِي، أَنَّ هَذَا يُبْطِلُ فَائِدَةَ الْحَدِيثِ؛ إذْ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ قَبْلَ الْعَقْدِ فِي إنْشَائِهِ وَإِتْمَامِهِ، أَوْ تَرْكِهِ. الثَّالِثُ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: «إذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ» .
فَجَعَلَ لَهُمَا الْخِيَارَ بَعْدَ تَبَايُعِهِمَا، وَقَالَ: «وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا، وَلَمْ يَتْرُكْ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» . الرَّابِعُ، أَنَّهُ يَرُدُّهُ تَفْسِيرُ ابْنِ عُمَرَ لِلْحَدِيثِ بِفِعْلِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ إذَا بَايَعَ رَجُلًا مَشَى خُطُوَاتٍ؛ لِيَلْزَمَ الْبَيْعُ، وَتَفْسِيرُ أَبِي بَرْزَةَ لَهُ، بِقَوْلِهِ عَلَى مِثْلِ قَوْلِنَا، وَهُمَا رَاوِيَا الْحَدِيثِ، وَأَعْلَمُ بِمَعْنَاهُ، وَقَوْلُ عُمَرَ: الْبَيْعُ صَفْقَةٌ أَوْ خِيَارٌ. مَعْنَاهُ، أَنَّ الْبَيْعَ يَنْقَسِمُ إلَى بَيْعٍ شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ، وَبَيْعٍ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ، سَمَّاهُ صَفْقَةً لِقِصَرِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فِيهِ، فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ مِثْلَ مَذْهَبِنَا، وَلَوْ أَرَادَ مَا قَالُوهُ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعَارَضَ بِهِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ مَعَ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَقَدْ كَانَ عُمَرُ إذَا بَلَغَهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ، فَكَيْف يُعَارَضُ قَوْلُهُ بِقَوْلِهِ؟ عَلَى أَنَّ قَوْلَ عُمَرَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ إذَا خَالَفَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ، وَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُهُ، وَأَبُو بَرْزَةَ، وَغَيْرُهُمَا، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْبَيْعِ عَلَى النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَقَعُ غَالِبًا إلَّا بَعْدَ رَوِيَّةٍ وَنَظَرٍ وَتَمَكُّثٍ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْخِيَارِ بَعْدَهُ، وَلِأَنَّ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِ مَضَرَّةً، لِمَا يَلْزَمُ مِنْ رَدِّ الْمَرْأَةِ بَعْدَ ابْتِذَالِهَا بِالْعَقْدِ، وَذَهَابِ حُرْمَتِهَا بِالرَّدِّ، وَإِلْحَاقِهَا بِالسِّلَعِ الْمَبِيعَةِ، فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ خِيَارٌ لِذَلِكَ، وَلِهَذَا لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ، وَلَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، وَالْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ظَاهِرٌ؛ لِظُهُورِ دَلِيلِهِ، وَوَهَاءِ مَا ذَكَرَهُ الْمُخَالِفُ فِي مُقَابَلَتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْل خِيَارُ الْمَجْلِسِ]
(2754) الْفَصْلُ الثَّانِي، أَنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ بِتَفَرُّقِهِمَا؛ لِدَلَالَةِ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ، وَلَا خِلَافَ فِي لُزُومِهِ بَعْدَ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 483
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست