responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 470
وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُتْعَةِ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] . حُمِلَ عَلَى مَا قُلْنَا. فَإِنْ اخْتَارَ إخْرَاجَ بَدَنَةٍ كَامِلَةٍ، فَهُوَ أَفْضَلُ، وَهَلْ تَكُونُ كُلُّهَا وَاجِبَةً؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا تَكُونُ وَاجِبَةً. اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ؛ لِأَنَّهُ اخْتَارَ الْأَعْلَى لِأَدَاءِ فَرْضِهِ، فَكَانَ كُلُّهُ وَاجِبًا، كَمَا لَوْ اخْتَارَ الْأَعْلَى مِنْ خِصَالِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَوْ كَفَّارَةِ الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ.
وَالثَّانِي، يَكُونُ سُبْعُهَا وَاجِبًا، وَالْبَاقِي تَطَوُّعًا، لَهُ أَكْلُهُ وَهَدِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى السُّبْعِ يَجُوزُ تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا بَدَلٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ذَبَحَ شَاتَيْنِ. فَإِنْ عَيَّنَ الْهَدْيَ بِشَيْءٍ، لَزِمَهُ مَا عَيَّنَهُ، وَأَجْزَأَهُ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ، مِمَّا يُنْقَلُ أَوْ مِمَّا لَا يُنْقَلُ؛ فَإِنَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ رَاحَ يَعْنِي إلَى الْجُمُعَةِ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً» . فَذَكَرَ الدَّجَاجَةَ وَالْبَيْضَةَ فِي الْهَدْيِ. وَعَلَيْهِ إيصَالُهُ إلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ سَمَّاهُ هَدْيًا، وَأَطْلَقَ، فَيُحْمَلُ عَلَى مَحِلِّ الْهَدْيِ الْمَشْرُوعِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] . فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُنْقَلُ، كَالْعَقَارِ، بَاعَهُ، وَبَعَثَ ثَمَنَهُ إلَى الْحَرَمِ، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ فِيهِ.
(2730) فَصْلٌ: وَإِنْ نَذَرَ هَدْيًا مُطْلَقًا أَوْ مُعَيَّنًا، وَأَطْلَقَ مَكَانَهُ، وَجَبَ عَلَيْهِ إيصَالُهُ إلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ. وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَبْحَهُ حَيْثُ شَاءَ، كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِشَاةٍ.
وَلَنَا، قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] . وَلِأَنَّ النَّذْرَ يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا، وَالْمَعْهُودُ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ، كَهَدْيِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ وَأَشْبَاهِهِمَا، أَنَّ ذَبْحَهَا يَكُونُ فِي الْحَرَمِ، كَذَا هَاهُنَا.
وَإِنْ عَيَّنَ نَذْرَهُ بِمَوْضِعٍ غَيْرِ الْحَرَمِ، لَزِمَهُ ذَبْحُهُ بِهِ، وَتَفْرِقَةُ لَحْمِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَإِطْلَاقُهُ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنِّي نَذَرْت أَنْ أَنْحَرَ بِبُوَانَةَ. قَالَ: أَبِهَا صَنَمٌ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَوْفِ بِنَذْرِك» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَإِنْ نَذَرَ الذَّبْحَ بِمَوْضِعٍ بِهِ صَنَمٌ، أَوْ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ الْكُفْرِ أَوْ الْمَعَاصِي، كَبُيُوتِ النَّارِ، أَوْ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ، بِمَفْهُومِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلِأَنَّهُ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ، فَلَا يُوفَى بِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 470
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست