responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 458
لِأَنَّ الْحَجَّ عِنْدَهُ عَلَى التَّرَاخِي، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ فِي هَذَا الْعَامِ.
وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ، فَإِنَّ الْحَجَّ الْوَاجِبَ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، فَيَصِيرُ كَالصَّلَاةِ إذَا أَحْرَمْت بِهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَقَضَاءِ رَمَضَانَ إذَا شَرَعْت فِيهِ، وَلِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ مُسْتَمِرٌّ عَلَى الدَّوَامِ، فَلَوْ مَلَكَ مَنْعَهَا فِي هَذَا الْعَامِ لَمَلَكَهُ فِي كُلِّ عَامٍ، فَيُفْضِي إلَى إسْقَاطِ أَحَدِ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ الْعِدَّةِ، فَإِنَّهَا لَا تَسْتَمِرُّ. فَأَمَّا إنْ أَحْرَمْت بِتَطَوُّعِ، فَلَهُ تَحْلِيلُهَا وَمَنْعُهَا مِنْهُ، فِي ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ.
وَقَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهَا؛ لِأَنَّ الْحَجَّ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، فَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ تَحْلِيلَهَا، كَالْحَجِّ الْمَنْذُورِ. وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ، فِي امْرَأَةٍ تَحْلِفُ بِالصَّوْمِ أَوْ بِالْحَجِّ، وَلَهَا زَوْجٌ: لَهَا أَنْ تَصُومَ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا، مَا تَصْنَعُ، قَدْ اُبْتُلِيَتْ وَابْتُلِيَ زَوْجُهَا.
وَلَنَا، أَنَّهُ تَطَوُّعٌ يُفَوِّتُ حَقَّ غَيْرِهَا مِنْهَا، أَحْرَمَتْ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَمَلَكَ تَحْلِيلَهَا مِنْهُ، كَالْأَمَةِ تُحْرِمُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا، وَالْمَدِينَةِ تُحْرِمُ بِغَيْرِ إذْنِ غَرِيمِهَا عَلَى وَجْهٍ يَمْنَعُهُ إيفَاءَ دَيْنِهِ الْحَالِّ عَلَيْهَا، وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ تَمْنَعُ الْمُضِيَّ فِي الْإِحْرَامِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَحَقُّ الْآدَمِيِّ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حَقَّهُ أَضْيَقُ، لِشُحِّهِ وَحَاجَتِهِ، وَكَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَغِنَاهُ. وَكَلَامُ أَحْمَدَ لَا يَتَنَاوَلُ مَحِلَّ النِّزَاعِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ فِي الصَّوْمِ، وَتَأْثِيرُ الصَّوْمِ فِي مَنْعِ حَقِّ الزَّوْجِ يَسِيرٌ، فَإِنَّهُ فِي النَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ.
وَلَوْ حَلَفَتْ بِالْحَجِّ فَلَهُ مَنْعُهَا؛ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَتَعَيَّنُ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ، بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ فِعْلِهِ وَالتَّكْفِيرِ، فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ قَبْلَ إحْرَامِهَا بِكُلِّ حَالٍ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ. وَالثَّانِي، أَنَّ الصَّوْمَ إذَا وَجَبَ صَارَ كَالْمَنْذُورِ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَالشُّرُوعُ هَاهُنَا عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ حُرْمَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَاحِبِ الْحَقِّ. فَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْحَجَّةُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، لَكِنْ لَمْ تَكْمُلْ شُرُوطُهَا لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ، فَإِنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهَا وَالتَّلَبُّسِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهَا.
وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهَا؛ لِأَنَّ مَا أَحْرَمَتْ بِهِ يَقَعُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ الْوَاجِبَةِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ، كَالْمَرِيضِ إذَا تَكَلَّفَ حُضُورَ الْجُمُعَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهُ تَحْلِيلَهَا؛ لِأَنَّهُ فَقَدَ شَرْطَ وُجُوبِهَا، فَأَشْبَهَتْ حَجَّةَ الْأَمَةِ وَالصَّغِيرَةِ، فَإِنَّهُ لَمَّا فَقَدَتْ الْحُرِّيَّةَ أَوْ الْبُلُوغَ، مَلَكَ مَنْعَهَا، وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهَا، فَأَشْبَهَتْ سَائِرَ التَّطَوُّعِ.
(2705) فَصْلٌ: وَأَمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ، فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُ امْرَأَتِهِ مِنْ الْمُضِيِّ إلَى الْحَجِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا، إذَا كَمَّلَتْ شُرُوطَهُ، وَكَانَتْ مُسْتَطِيعَةً، وَلَهَا مَحْرَمٌ يَخْرُجُ مَعَهَا؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ، كَمَا لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ.
وَإِنْ لَمْ تَكْمُلْ شُرُوطُهُ، فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْمُضِيِّ إلَيْهِ وَالشُّرُوعِ فِيهِ، وَلِأَنَّهَا تُفَوِّتُ حَقَّهُ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبِ عَلَيْهَا، فَمَلَكَ مَنْعَهَا، كَمَنْعِهَا مِنْ صِيَامِ التَّطَوُّعِ. وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ إلَى حَجِّ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 458
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست