responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 455
اللَّهُ تَعَالَى.
وَرَوَى النَّجَّادُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً، وَلْيَحُجَّ مِنْ قَابِلٍ ". وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ فَسْخُ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ مِنْ غَيْرِ فَوَاتٍ، فَمَعَ الْفَوَاتِ أَوْلَى. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ إحْرَامَهُ بِعُمْرَةٍ.
وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَطَاءٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يَصِيرُ إحْرَامُهُ بِعُمْرَةِ، بَلْ يَتَحَلَّلُ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَحَلْقٍ. وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ انْعَقَدَ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ، فَلَمْ يَنْقَلِبْ إلَى الْآخَرِ، كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَنْ قَالَ: يَجْعَلُ إحْرَامَهُ عُمْرَةً. أَرَادَ بِهِ يَفْعَلُ مَا فَعَلَ الْمُعْتَمِرُ، وَهُوَ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ، وَلَا يَكُونُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ خِلَافٌ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِيرَ إحْرَامُ الْحَجِّ إحْرَامًا بِعُمْرَةِ، بِحَيْثُ يُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ اعْتَمَرَ، وَلَوْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَيْهَا لَصَارَ قَارِنًا، إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْحَجُّ بِذَلِكَ الْإِحْرَامِ، إلَّا أَنْ يَصِيرَ مُحْرِمًا بِهِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ، فَيَصِيرَ كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ، وَلِأَنَّ قَلْبَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ فِي فَسْخِ الْحَجِّ، فَمَعَ الْحَاجَةِ أَوْلَى، وَيُخَرَّجُ عَلَى هَذَا قَلْبُ الْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَلِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا يَفُوتُ وَقْتُهَا، فَلَا حَاجَةَ إلَى انْقِلَابِ إحْرَامِهَا، بِخِلَافِ الْحَجِّ. (2698)
الْفَصْلُ الثَّالِثُ، أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ مِنْ قَابِلٍ، سَوَاءٌ كَانَ الْفَائِتُ وَاجِبًا، أَوْ تَطَوُّعًا. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِهِ، وَزَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمَرْوَانَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَعَنْ أَحْمَدَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، بَلْ إنْ كَانَتْ فَرْضًا فَعَلَهَا بِالْوُجُوبِ السَّابِقِ، وَإِنْ كَانَتْ نَفْلًا سَقَطَتْ. وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عَطَاءٍ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْحَجِّ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، قَالَ: " بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً ".
وَلَوْ أَوْجَبْنَا الْقَضَاءَ، كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، وَلِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِي تَرْكِ إتْمَامِ حَجِّهِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ كَالْمُحْصَرِ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةُ تَطَوُّعٍ، فَلَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا، كَسَائِرِ التَّطَوُّعَات. وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَدِيثِ، وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ فَاتَهُ عَرَفَاتٌ فَاتَهُ الْحَجُّ، فَلْيَحِلَّ بِعُمْرَةِ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ» وَلِأَنَّ الْحَجَّ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، فَيَصِيرُ كَالْمَنْذُورِ، بِخِلَافِ سَائِرِ التَّطَوُّعَات.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ، فَإِنَّهُ أَرَادَ الْوَاجِبَ بِأَصْلِ الشَّرْعِ حَجَّةً وَاحِدَةً وَهَذِهِ إنَّمَا تَجِبُ بِإِيجَابِهِ لَهَا بِالشُّرُوعِ فِيهَا، فَهِيَ كَالْمَنْذُورَةِ، وَأَمَّا الْمُحْصَرُ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنْسُوبٍ إلَى التَّفْرِيطِ، بِخِلَافِ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَإِذَا قَضَى أَجْزَأَهُ الْقَضَاءُ عَنْ الْحَجَّةِ الْوَاجِبَةِ، لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا؛ لِأَنَّ الْحَجَّةَ الْمَقْضِيَّةَ لَوْ تَمَّتْ لَأَجْزَأَتْ عَنْ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ قَضَاؤُهَا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَقُومُ مَقَامَ الْأَدَاءِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 455
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست