responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 416
عَبْدِ الْبَرَّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ، وَحَلَّ مِنْهَا، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَلَالًا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ، أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ، عَلَيْهِ دَمٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي: إذَا تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ، حَتَّى صَارَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَقَلُّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَأَحْرَمَ مِنْهُ، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِلْمُتْعَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِد الْحَرَامِ. وَلَيْسَ هَذَا بِجَيِّدٍ؛ فَإِنَّ حُضُورَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْإِقَامَةِ بِهِ، وَهَذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ الْإِقَامَةُ، وَلَا نِيَّتُهَا، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] .
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَانِعُ مِنْ الدَّمِ السُّكْنَى بِهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِسَاكِنٍ؛ وَإِنْ أَحْرَمَ الْآفَاقِيُّ بِعُمْرَةٍ، فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ، فَاعْتَمَرَ مِنْ التَّنْعِيمِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ، فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، عَلَيْهِ دَمٌ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ.
وَفِي تَنْصِيصِهِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى إيجَابِ الدَّمِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِ الدَّمِ، أَنْ يَنْوِيَ فِي ابْتِدَاءِ الْعُمْرَةِ، أَوْ فِي أَثْنَائِهَا، أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ. وَظَاهِرُ النَّصِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُشْتَرَطٍ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ، وَكَذَلِكَ الْإِجْمَاعُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُخَالِفٌ لِهَذَا الْقَوْلِ. وَلِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَهُ التَّرَفُّهُ بِسُقُوطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ، فَلَزِمَهُ الدَّمُ، كَمَنْ لَمْ يَنْوِ.

[الْفَصْل الثَّالِث فِي وَقْتِ وُجُوبِ الْهَدْيِ لِلْمُتَمَتِّعِ وَوَقْتِ ذَبْحِهِ]
(2606) الْفَصْلُ الثَّالِثُ، فِي وَقْتِ وُجُوبِ الْهَدْيِ، وَوَقْتِ ذَبْحِهِ. أَمَّا وَقْتُ وُجُوبِهِ، فَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَجِبُ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] .
وَهَذَا قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ. وَلِأَنَّ مَا جُعِلَ غَايَةً، فَوُجُودُ أَوَّلِهِ كَافٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] . وَلِأَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ، فَلَزِمَهُ الدَّمُ، كَمَا لَوْ وَقَفَ أَوْ تَحَلَّلَ. وَعَنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ إذَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ إنَّمَا يَحْصُلُ بَعْدَ وُجُودِ الْحَجِّ مِنْهُ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِالْوُقُوفِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ» . وَلِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ يَعْرِضُ الْفَوَاتُ، فَلَا يَحْصُلُ التَّمَتُّعُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، ثُمَّ أُحْصِرَ، أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَلَمْ يَلْزَمْهُ دَمُ الْمُتْعَةِ، وَلَا كَانَ مُتَمَتِّعًا، وَلَوْ وَجَبَ الدَّمُ لَمَا سَقَطَ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: يَجِبُ إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ. وَنَحْوُهُ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ: يَجِبُ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ يَوْمَ النَّحْرِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ ذَبْحِهِ، فَكَانَ وَقْتَ وُجُوبِهِ. فَأَمَّا وَقْتُ إخْرَاجِهِ فَيَوْمُ النَّحْرِ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لَا يَجُوزُ فِيهِ ذَبْحُ الْأُضْحِيَّةَ، فَلَا يَجُوزُ فِيهِ ذَبْحُ هَدْيِ التَّمَتُّعِ، كَقَبْلِ التَّحَلُّلِ مِنْ الْعُمْرَةِ.
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَمِعْت أَحْمَدْ، قَالَ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ مَكَّةَ فِي شَوَّالٍ وَمَعَهُ هَدْيٌ. قَالَ: يَنْحَرُ بِمَكَّةَ، وَإِنْ قَدِمَ قَبْلَ الْعَشْرِ نَحَرَهُ، لَا يَضِيعُ أَوْ يَمُوتُ أَوْ يُسْرَقُ. وَكَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ.
وَإِنْ قَدِمَ فِي الْعَشْرِ، لَمْ يَنْحَرْهُ حَتَّى يَنْحَرَهُ بِمِنًى؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا فِي الْعَشْرِ، فَلَمْ يَنْحَرُوا حَتَّى نَحَرُوا بِمِنًى. وَمَنْ جَاءَ قَبْلَ ذَلِكَ نَحَرَهُ عَنْ عُمْرَتِهِ، وَأَقَامَ عَلَى إحْرَامِهِ، وَكَانَ قَارِنًا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ نَحْرُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 416
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست