responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 405
قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ خُرُوجِهِ، لِيَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ، فَإِنْ طَافَ لِلْوَدَاعِ، ثُمَّ اشْتَغَلَ بِتِجَارَةٍ أَوْ إقَامَةٍ فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ. وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ، أَوْ طَافَ تَطَوُّعًا بَعْدَمَا حَلَّ لَهُ النَّفْرُ، أَجْزَأْهُ عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ، وَإِنْ أَقَامَ شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ طَافَ بَعْدَمَا حَلَّ لَهُ النَّفْرُ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ، كَمَا لَوْ نَفَرَ عَقِيبَهُ. وَلَنَا، قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ» . وَلِأَنَّهُ إذَا قَامَ بَعْدَهُ، خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ وَدَاعًا فِي الْعَادَةِ، فَلَمْ يُجْزِهِ، كَمَا لَوْ طَافَهُ قَبْلَ حِلِّ النَّفْرِ. فَأَمَّا إنْ قَضَى حَاجَةً فِي طَرِيقِهِ، أَوْ اشْتَرَى زَادًا أَوْ شَيْئًا لِنَفْسِهِ فِي طَرِيقِهِ، لَمْ يُعِدْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِقَامَةٍ تُخْرِجُ طَوَافَهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ، وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَلَا نَعْلَمُ مُخَالِفًا لَهُمَا.

[مَسْأَلَة خَرَجَ قَبْل طَوَاف الْوَدَاع]
(2583) مَسْأَلَة؛ قَالَ: (فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ الْوَدَاعِ، رَجَعَ إنْ كَانَ بِالْقُرْبِ، وَإِنْ بَعُدَ، بَعَثَ بِدَمٍ) هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَالْقَرِيبُ هُوَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. وَالْبَعِيدُ مَنْ بَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَكَانَ عَطَاءٌ يَرَى الطَّائِفَ قَرِيبًا. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ حَدُّ ذَلِكَ الْحَرَمُ، فَمَنْ كَانَ فِي الْحَرَمِ فَهُوَ قَرِيبٌ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْهُ فَهُوَ بَعِيدٌ.
وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، أَنَّ مَنْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ، فِي أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ وَلَا يُفْطِرُ، وَلِذَلِكَ عَدَدْنَاهُ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَدَّ رَجُلًا مِنْ مُرٍّ إلَى مَكَّةَ، لِيَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ لِعُذْرٍ، فَهُوَ كَالْبَعِيدِ. وَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ الْقَرِيبُ الَّذِي يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ دَمٍ.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَرْكِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ، فَاسْتَوَى عَمْدُهُ وَخَطَؤُهُ، وَالْمَعْذُورُ وَغَيْرُهُ، كَسَائِرِ وَاجِبَاتِهِ. فَإِنْ رَجَعَ الْبَعِيدُ، فَطَافَ لِلْوَدَاعِ فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الدَّمُ بِبُلُوغِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ، فَلَمْ تَسْقُطْ بِرُجُوعِهِ، كَمَنْ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ، فَأَحْرَمَ دُونَهُ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ. وَإِنْ رَجَعَ الْقَرِيبُ، فَطَافَ، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ يُسْقِطُ عَنْهُ الرُّجُوعَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الدَّمَ لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ، لِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ، وَيَحْتَمِلُ سُقُوطَ الدَّمِ عَنْ الْبَعِيدِ بِرُجُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ أَتَى بِهِ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بَدَلُهُ، كَالْقَرِيبِ.
(2584) فَصْلٌ: إذَا رَجَعَ الْبَعِيدُ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ، إنْ كَانَ جَاوَزَهُ، إلَّا مُحْرِمًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 405
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست