responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 391
فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَفِيهِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] . وَعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ، فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهَا حَائِضٌ، قَالَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَ: اُخْرُجُوا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا الطَّوَافَ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَنَّهُ حَابِسٌ لِمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ. وَلِأَنَّ الْحَجَّ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ، فَكَانَ الطَّوَافُ رُكْنًا كَالْعُمْرَةِ.

[فَصْل لِطَوَافِ الزِّيَارَة وَقْتَانِ وَقْت فَضِيلَة وَوَقْت إجْزَاء]
(2555) فَصْلٌ: وَلِهَذَا الطَّوَافِ وَقْتَانِ، وَقْتُ فَضِيلَةٍ، وَوَقْتُ إجْزَاءٍ؛ فَأَمَّا وَقْتُ الْفَضِيلَةِ فَيَوْمُ النَّحْرِ بَعْدَ الرَّمْيِ وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ؛ لِقَوْلِ جَابِرٍ فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ النَّحْرِ: فَأَفَاضَ إلَى الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، الَّذِي ذَكَرَتْ فِيهِ حَيْضَ صَفِيَّةَ، قَالَتْ: فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَفَاضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ رَجَعَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. فَإِنْ أَخَّرَهُ إلَى اللَّيْلِ، فَلَا بَأْسَ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، رَوَيَا: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ إلَى اللَّيْلِ. رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَأَمَّا وَقْتُ الْجَوَازِ، فَأَوَّلُهُ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَوَّلُهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَآخِرُهُ آخِرُ أَيَّامِ النَّحْرِ. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَوَّلِ وَقْتِ الرَّمْيِ؛ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهِ. وَأَمَّا آخِرُ وَقْتِهِ فَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ نُسُكٌ يُفْعَلُ فِي الْحَجِّ، فَكَانَ آخِرُهُ مَحْدُودًا، كَالْوُقُوفِ وَالرَّمْيِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ آخِرَ وَقْتِهِ غَيْرُ مَحْدُودٍ؛ فَإِنَّهُ مَتَى أَتَى بِهِ صَحَّ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الدَّمِ، فَيَقُولُ: إنَّهُ طَافَ فِيمَا بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ طَوَافًا صَحِيحًا، فَلَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ، كَمَا لَوْ طَافَ أَيَّامَ النَّحْرِ، فَأَمَّا الْوُقُوفُ وَالرَّمْيُ، فَإِنَّهُمَا لَمَّا كَانَا مُوَقَّتَيْنِ، كَانَ لَهُمَا وَقْتٌ يَفُوتَانِ بِفَوَاتِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الطَّوَافُ، فَإِنَّهُ مَتَى أَتَى بِهِ صَحَّ.

[فَصْل صِفَة طَوَاف الزِّيَارَة]
(2556) فَصْلٌ: وَصِفَةُ هَذَا الطَّوَافِ كَصِفَةِ طَوَافِ الْقُدُومِ، سِوَى أَنَّهُ يَنْوِي بِهِ طَوَافَ الزِّيَارَةِ، وَيُعَيِّنُهُ بِالنِّيَّةِ. وَلَا رَمَلَ فِيهِ، وَلَا اضْطِبَاعَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمْ يَرْمُلْ فِي السَّبْعِ الَّذِي أَفَاضَ فِيهِ» . وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ فِي هَذَا الطَّوَافِ. وَهَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ، وَابْنِ الْقَاسِمِ صَاحِبِ مَالِكٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُجْزِئُهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ الَّذِي عَلَيْهِ. وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» . وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَّاهُ صَلَاةً، وَالصَّلَاةُ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّاتِ اتِّفَاقًا.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 391
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست