responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 333
الْحَصْرِ، أَوْ بِالْعُذْرِ إذَا شَرَطَ، وَمَا عَدَا هَذَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِهِ. فَإِنْ نَوَى التَّحَلُّلَ لَمْ يَحِلَّ، وَلَا يَفْسُدُ الْإِحْرَامُ بِرَفْضِهِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِالْفَسَادِ، فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِرَفْضِهَا، بِخِلَافِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَيَكُونُ الْإِحْرَامُ بَاقِيًا فِي حَقِّهِ، تَلْزَمُهُ أَحْكَامُهُ، وَيَلْزَمُهُ جَزَاءُ كُلِّ جِنَايَةٍ جَنَاهَا عَلَيْهِ.
وَإِنْ وَطِئَ أَفْسَدَ حَجَّهُ، وَعَلَيْهِ لِذَلِكَ بَدَنَةٌ، مَعَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الدِّمَاءِ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ قَبْلَ الْجِنَايَاتِ أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى الْإِحْرَامِ الْفَاسِدِ تُوجِبُ الْجَزَاءَ، كَالْجِنَايَةِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَيْسَ عَلَيْهِ لِرَفْضِهِ الْإِحْرَامَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ نِيَّةٍ لَمْ تُؤَثِّرْ شَيْئًا.

[مَسْأَلَة يَمْضِي فِي الْحَجِّ الْفَاسِدِ وَيَحُجُّ مِنْ قَابِلٍ]
(2442) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَمْضِي فِي الْحَجِّ الْفَاسِدِ، وَيَحُجُّ مِنْ قَابِلٍ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّ لَا يَفْسُدُ إلَّا بِالْجِمَاعِ، فَإِذَا فَسَدَ فَعَلَيْهِ إتْمَامُهُ، وَلَيْسَ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ الْحَسَنُ، وَمَالِكٌ: يَجْعَلُ الْحَجَّةَ عُمْرَةً، وَلَا يُقِيمُ عَلَى حَجَّةٍ فَاسِدَةٍ. وَقَالَ دَاوُد: يَخْرُجُ بِالْإِفْسَادِ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .
وَلَنَا، عُمُومُ قَوْله تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] . وَلِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُمْ مُخَالِفًا، وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يَجِبُ بِهِ الْقَضَاءُ، فَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْهُ، كَالْفَوَاتِ، وَالْخَبَرُ لَا يُلْزِمُنَا؛ لِأَنَّ الْمُضِيَّ فِيهِ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلْزَمُهُ بِالْإِحْرَامِ. وَنَخُصُّ مَالِكًا بِأَنَّهَا حَجَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا بِالْإِخْرَاجِ، فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَى عُمْرَةٍ كَالصَّحِيحَةِ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ الْفَاسِدِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ بَعْدَ الْإِفْسَادِ كُلَّ مَا يَفْعَلُهُ قَبْلَهُ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ تَوَابِعُ الْوُقُوفِ، مِنْ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَالرَّمْيِ، وَيَجْتَنِبُ بَعْدَ الْفَسَادِ كُلَّ مَا يَجْتَنِبُهُ قَبْلَهُ، مِنْ الْوَطْءِ ثَانِيًا، وَقَتْلِ الصَّيْدِ، وَالطِّيبِ، وَاللِّبَاسِ، وَنَحْوِهِ، وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْإِحْرَامِ الْفَاسِدِ، كَالْفِدْيَةِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْإِحْرَامِ الصَّحِيحِ. فَأَمَّا الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، فَيَلْزَمُهُ بِكُلِّ حَالٍ، لَكِنْ إنْ كَانَتْ الْحَجَّةُ الَّتِي أَفْسَدَهَا وَاجِبَةً بِأَصْلِ الشَّرْعِ، أَوْ بِالنَّذْرِ، أَوْ قَضَاءً، كَانَتْ الْحَجَّةُ مِنْ قَابِلٍ مُجَزِّئَةً؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ الْقَضَاءُ، أَجْزَأَهُ عَمَّا يُجْزِئُ عَنْهُ الْأَوَّلُ، لَوْ لَمْ يُفْسِدْهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْفَاسِدَةُ تَطَوُّعًا، وَجَبَ قَضَاؤُهَا؛ لِأَنَّهُ بِالدُّخُولِ فِي الْإِحْرَامِ صَارَ الْحَجُّ عَلَيْهِ وَاجِبًا، فَإِذَا أَفْسَدَهُ، وَجَبَ قَضَاؤُهُ، كَالْمَنْذُورِ، وَيَكُونُ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ.
وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا؛ لِأَنَّ الْحَجَّ الْأَصْلِيَّ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ، فَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ بِالدُّخُولِ فِيهِ، وَالْوَاجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِذَلِكَ.

[فَصْل يُحْرِم الْمَحْصِر الْقَضَاءِ مِنْ أَبْعَد الْمَوْضِعَيْنِ الْمِيقَات أَوْ مَوْضِع إحْرَامه الْأَوَّل]
(2443) فَصْلٌ: وَيُحْرِمُ بِالْقَضَاءِ مِنْ أَبْعَدِ الْمَوْضِعَيْنِ: الْمِيقَاتِ، أَوْ مَوْضِعِ إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمِيقَاتُ أَبْعَدَ، فَلَا يَجُوزُ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست