responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 299
وَلَنَا، أَنَّ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ، وَلَا دَلِيلَ فِيهِ مِنْ نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الطِّيبِ، فَإِنَّ الطِّيبَ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ، وَإِنْ لَمْ يُزِلْ شُعْثًا، وَيَسْتَوِي فِيهِ الرَّأْسُ وَغَيْرُهُ، وَالدُّهْنُ بِخِلَافِهِ، وَلِأَنَّهُ مَائِعٌ لَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْيَدَيْنِ، فَلَمْ تَجِبْ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الرَّأْسِ، كَالْمَاءِ.

[مَسْأَلَة لَا يَتَعَمَّدُ الْمُحْرِم لِشَمِّ الطِّيبِ]
(2365) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يَتَعَمَّدُ لِشَمِّ الطِّيبِ) أَيْ لَا يَقْصِدُ شَمَّهُ مِنْ غَيْرِهِ بِفِعْلٍ مِنْهُ، نَحْوِ أَنْ يَجْلِسَ عِنْدَ الْعَطَّارِينَ لِذَلِكَ، أَوْ يَدْخُلَ الْكَعْبَةَ حَالَ تَجْمِيرِهَا، لِيَشُمَّ طِيبَهَا، أَوْ يَحْمِلَ مَعَهُ عُقْدَةً فِيهَا مِسْكٌ لِيَجِدَ رِيحَهَا. قَالَ أَحْمَدُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، كَيْفَ يَجُوزُ هَذَا؟ وَأَبَاحَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ، إلَّا الْعُقْدَةَ تَكُونُ مَعَهُ يَشُمُّهَا، فَإِنَّ أَصْحَابَهُ اخْتَلَفُوا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يَشُمُّ الطِّيبَ مِنْ غَيْرِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ.
وَلَنَا، أَنَّهُ شَمَّ الطِّيبَ قَاصِدًا مُبْتَدِئًا بِهِ فِي الْإِحْرَامِ، فَحُرِّمَ، كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ الْقَصْدَ شَمُّهُ لَا مُبَاشَرَتُهُ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَسَّ الْيَابِسَ الَّذِي لَا يَعْلَقُ بِيَدِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَوْ رَفَعَهُ بِخِرْقَةٍ وَشَمَّهُ لَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَلَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُ، فَأَمَّا شَمُّهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، كَالْجَالِسِ عِنْدَ الْعَطَّارِ لِحَاجَتِهِ، وَدَاخِلِ السُّوقِ، أَوْ دَاخِلِ الْكَعْبَةِ لِلتَّبَرُّكِ بِهَا، وَمَنْ يَشْتَرِي طِيبًا لِنَفْسِهِ وَلِلتِّجَارَةِ وَلَا يَمَسُّهُ، فَغَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْ هَذَا، فَعُفِيَ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.

[مَسْأَلَة الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ تَخْمِيرِ رَأْسِهِ]
(2366) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يُغَطِّي شَيْئًا مِنْ رَأْسِهِ، وَالْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ تَخْمِيرِ رَأْسِهِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْعَمَائِمِ وَالْبَرَانِسِ» . وَقَوْلُهُ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ: «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» . عَلَّلَ مَنْعَ تَخْمِيرِ رَأْسِهِ بِبَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ ذَلِكَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ. . وَذَكَرَ الْقَاضِي، فِي (الشَّرْحِ) أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ، وَإِحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا» . وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَهَى أَنْ يَشُدَّ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ بِالسَّيْرِ.
وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ: (وَالْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ) . فَائِدَتُهُ تَحْرِيمُ تَغْطِيَتِهِمَا. وَأَبَاحَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ» .
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الطَّهَارَةِ. وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ تَغْطِيَةِ بَعْضِ رَأْسِهِ، كَمَا يُمْنَعُ مِنْ تَغْطِيَةِ جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ» . وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ يَحْرُمُ فِعْلُ بَعْضِهِ، وَلِذَلِكَ لَمَّا قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} [البقرة: 196] . حَرُمَ حَلْقُ بَعْضِهِ. وَسَوَاءٌ غَطَّاهُ بِالْمَلْبُوسِ الْمُعْتَادِ أَوْ بِغَيْرِهِ، مِثْلُ أَنْ عَصَبَهُ بِعِصَابَةٍ،

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 299
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست