responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 262
الْأَوَّلُ، أَنَّا نَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحْرِمًا بِغَيْرِ التَّمَتُّعِ، وَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِأَحَادِيثِهِمْ لَأُمُورٍ؛ أَحَدُهَا، أَنَّ رُوَاةَ أَحَادِيثِهِمْ قَدْ رَوَوْا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، رَوَى ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَجَابِرٌ، وَعَائِشَةُ، مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ، فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهَا. الثَّانِي، أَنَّ رِوَايَتَهُمْ اخْتَلَفَتْ، فَرَوَوْا مَرَّةً أَنَّهُ أَفْرَدَ، وَمَرَّةً أَنَّهُ تَمَتَّعَ، وَمَرَّةً أَنَّهُ قَرَنَ، وَالْقَضِيَّةُ وَاحِدَةٌ، وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا، فَيَجِبُ اطِّرَاحُهَا كُلِّهَا، وَأَحَادِيثُ الْقِرَانِ أَصَحُّهَا حَدِيثُ أَنَسٍ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ، فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَنَسًا، ذَهِلَ أَنَسٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ أَنَسٌ يَتَوَلَّجُ عَلَى النِّسَاءِ. يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا. وَحَدِيثُ عَلِيٍّ رَوَاهُ حَفْصُ بْنُ أَبِي دَاوُد، وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَهُوَ كَثِيرُ الْوَهْمِ. قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيّ. الثَّالِثُ، أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مُتَمَتِّعًا. رَوَى ذَلِكَ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةُ، وَأَبُو مُوسَى، وَجَابِرٌ، وَعَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ، بِأَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ، وَإِنَّمَا مَنَعَهُ مِنْ الْحِلِّ الْهَدْيُ الَّذِي كَانَ مَعَهُ، فَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: «إنِّي لَا أَنْهَاكُمْ عَنْ الْمُتْعَةِ، وَإِنَّهَا لَفِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَقَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.» يَعْنِي الْعُمْرَةَ فِي الْحَجِّ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، أَنَّهُ اخْتَلَفَ هُوَ وَعُثْمَانُ فِي الْمُتْعَةِ بِعُسْفَانَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: «مَا تُرِيدُ إلَى أَمْرٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَنْهَى عَنْهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِلنَّسَائِيِّ، وَقَالَ عَلِيٌّ لِعُثْمَانَ: «أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَمَتَّعَ؟ قَالَ: بَلَى» . وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ» . وَعَنْهُ أَنَّ حَفْصَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِك؟ فَقَالَ: إنِّي لَبَّدْت رَأْسِي، وَقَلَّدْت هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَقَالَ سَعْدٌ: صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ. وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ رَاجِحَةٌ؛ لِأَنَّ رُوَاتَهَا أَكْثَرُ وَأَعْلَمُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ بِالْمُتْعَةِ عَنْ نَفْسِهِ، فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ، فَلَا تُعَارَضُ بِظَنِّ غَيْرِهِ. وَلِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ مُتَمَتِّعَةً بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَهِيَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا تُحْرِمُ إلَّا بِأَمْرِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِيَأْمُرَهَا بِأَمْرٍ، ثُمَّ يُخَالِفُ إلَى غَيْرِهِ. وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، بِأَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَمْ يَحِلَّ مِنْهَا لِأَجْلِ هَدْيِهِ، حَتَّى أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، فَصَارَ قَارِنًا، وَسَمَّاهُ مَنْ سَمَّاهُ مُفْرِدًا؛ لِأَنَّهُ اشْتَغَلَ بِأَفْعَالِ الْحَجِّ وَحْدَهَا، بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ، فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ مَهْمَا أَمْكَنَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى التَّعَارُضِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست