responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 26
قَالَ: هَؤُلَاءِ أَرْبَابُهَا، فَهَلْ اشْتَرَيْت مِنْهُمْ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَارْدُدْهَا عَلَى مَنْ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ، وَخُذْ مَالَك.
وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ بِمَحْضَرِ سَادَةِ الصَّحَابَةِ وَأَئِمَّتِهِمْ، فَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ إجْمَاعًا، وَلَا سَبِيلَ إلَى وُجُودِ إجْمَاعٍ أَقْوَى مِنْ هَذَا وَشِبْهِهِ، إذْ لَا سَبِيلَ إلَى نَقْلِ قَوْلِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ فِي مَسْأَلَةٍ، وَلَا إلَى نَقْلِ قَوْلِ الْعَشَرَةِ، وَلَا يُوجَدُ الْإِجْمَاعُ إلَّا الْقَوْلَ. الْمُنْتَشِرَ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ. قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ الْمُخَالَفَةَ. وَقَوْلُهُمْ اشْتَرَى. قُلْنَا: الْمُرَادُ بِهِ: اكْتَرَى. كَذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَكْفِيَهُ جِزْيَتَهَا. وَلَا يَكُونُ مُشْتَرِيًا لَهَا وَجِزْيَتُهَا عَلَى غَيْرِهِ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْقَاسِمُ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَقَرَّ بِالطَّسْقِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالصِّغَارِ وَالذُّلِّ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشِّرَاءَ هَاهُنَا الِاكْتِرَاءُ. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ رُوِيَتْ عَنْهُ الرُّخْصَةُ فِي الشِّرَاءِ فَمَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: فَكَيْفَ بِمَالِ بِزَاذَانَ. فَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الشِّرَاءِ، وَلِأَنَّ الْمَالَ أَرْضٌ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ مَالًا مِنْ السَّائِمَةِ أَوْ التِّجَارَةِ أَوْ الزَّرْعِ. أَوْ غَيْرِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرْضٌ أَكْتَرَاهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ غَيْرَهُ، وَقَدْ يَعِيبُ الْإِنْسَانُ الْفِعْلَ الْمَعِيبَ مِنْ غَيْرِهِ. جَوَابٌ ثَانٍ، أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الشِّرَاءَ، وَبَقِيَ قَوْلُ عُمَرَ فِي النَّهْيِ عَنْ الْبَيْعِ غَيْرَ مُعَارِضٍ، وَأَمَّا الْمَعْنَى فَلِأَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ، فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا، كَسَائِرِ الْأَحْبَاسِ وَالْوُقُوفِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى وَقْفِهَا النَّقْلُ وَالْمَعْنَى؛ أَمَّا النَّقْلُ، فَمَا نُقِلَ مِنْ الْأَخْبَارِ، أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَقْسِمْ الْأَرْضَ الَّتِي افْتَتَحَهَا، وَتَرَكَهَا لِتَكُونَ مَادَّةً لِأَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ نَقَلْنَا بَعْضَ ذَلِكَ، وَهُوَ مَشْهُورٌ تُغْنِي شُهْرَتُهُ عَنْ نَقْلِهِ.
وَأَمَّا الْمَعْنَى، فَلِأَنَّهَا لَوْ قُسِمَتْ لَكَانَتْ لِلَّذِينَ افْتَتَحُوهَا، ثُمَّ لِوَرَثَتِهِمْ، أَوْ لِمَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ عَنْهُمْ، وَلَمْ تَكُنْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلِأَنَّهَا لَوْ قُسِمَتْ، وَلَمْ تَخْفَ بِالْكُلِّيَّةِ. فَإِنْ قِيلَ: فَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَرَكَهَا لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً، فَيَكُونُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَالْإِمَامُ نَائِبُهُمْ، فَيَفْعَلُ مَا يَرَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ، مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَرَكَهَا لِأَرْبَابِهَا، كَفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ. قُلْنَا: أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ عُمَرَ إنَّمَا تَرَكَ قِسْمَتَهَا لِتَكُونَ مَادَّةً لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ، يَنْتَفِعُونَ بِهَا، مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهَا، وَهَذَا مَعْنَى الْوَقْفِ، وَلَوْ جَازَ تَخْصِيصُ قَوْمٍ بِأَصْلِهَا لَكَانَ الَّذِينَ افْتَتَحُوهَا أَحَقَّ بِهَا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْنَعَهَا أَهْلَهَا لِمُفْسِدَةِ، ثُمَّ يَخُصُّ بِهَا غَيْرَهُمْ مَعَ وُجُودِ الْمَفْسَدَةِ الْمَانِعَةِ.
وَالثَّانِي أَظْهَرُ فَسَادًا مِنْ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ إذَا مَنَعَهَا الْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَحِقِّينَ، كَيْفَ يَخُصُّ بِهَا أَهْلَ الذِّمَّةِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا حَقَّ لَهُمْ وَلَا نَصِيبَ؟ .

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست