responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 254
وَلَنَا، مَا ذَكَرْنَاهُ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَخَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ» . وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَمَتَى أَرَادَ هَذَا النُّسُكَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ كَالْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَفِيهِ مِنْ الْخِلَافِ مَا فِيهِ. النَّوْعُ الثَّانِي: مَنْ لَا يُكَلَّفُ الْحَجَّ كَالْعَبْدِ، وَالصَّبِيِّ، وَالْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ، أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ، وَبَلَغَ الصَّبِيُّ، وَأَرَادُوا الْإِحْرَامَ، فَإِنَّهُمْ يُحْرِمُونَ مِنْ مَوْضِعِهِمْ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِمْ. وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ فِي الْكَافِرِ يُسْلِمُ، وَالصَّبِيِّ يَبْلُغُ، وَقَالُوا فِي الْعَبْدِ: عَلَيْهِ دَمٌ وَقَالَ الشَّافِعِيّ فِي جَمِيعِهِمْ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دَمٌ.
وَعَنْ أَحْمَدَ، فِي الْكَافِرِ يُسْلِمُ، كَقَوْلِهِ. وَيَتَخَرَّجُ فِي الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ كَذَلِكَ، قِيَاسًا عَلَى الْكَافِرِ يُسْلِمُ؛ لِأَنَّهُمْ تَجَاوَزُوا الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَأَحْرَمُوا دُونَهُ، فَلَزِمَهُمْ الدَّمُ، كَالْمُسْلِمِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ.
وَلَنَا، أَنَّهُمْ أَحْرَمُوا مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ مِنْهُ، فَأَشْبَهُوا الْمَكِّيَّ، وَمَنْ قَرْيَتُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ إذَا أَحْرَمَ مِنْهَا، وَفَارَقَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ إذَا تَرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْمُكَلَّفُ الَّذِي يَدْخُلُ لِغَيْرِ قِتَالٍ وَلَا حَاجَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجِبُ الْإِحْرَامُ عَلَيْهِ. وَعَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ دَخَلَهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ. وَلِأَنَّهُ أَحَدُ الْحَرَمَيْنِ، فَلَمْ يَلْزَمْ الْإِحْرَامُ لِدُخُولِهِ، كَحَرَمِ الْمَدِينَةِ، وَلِأَنَّ الْوُجُوبَ مِنْ الشَّرْعِ، وَلَمْ يَرِدْ مِنْ الشَّارِعِ إيجَابُ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ دَاخِلٍ، فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ. وَوَجْهُ الْأُولَى أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ دُخُولَهَا، لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لَمْ يَجِبْ بِنَذْرِ الدُّخُولِ، كَسَائِرِ الْبُلْدَانِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَمَتَى أَرَادَ هَذَا الْإِحْرَامَ بَعْدَ تَجَاوُزِ الْمِيقَاتِ، رَجَعَ فَأَحْرَمَ مِنْهُ، فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ دُونِهِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ، كَالْمُرِيدِ لِلنُّسُكِ.

[فَصْل مِنْ دَخَلَ الْحَرَم بِغَيْرِ إحْرَام مِمَّنْ يَجِب عَلَيْهِ الْإِحْرَام]
(2280) فَصْلٌ: وَمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ، فَإِنْ أَتَى بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي سَنَتِهِ، أَوْ مَنْذُورَةٍ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَجْزَأَهُ عَنْ عُمْرَةِ الدُّخُولِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ مُرُورَهُ عَلَى الْمِيقَاتِ مُرِيدًا لِلْحَرَمِ يُوجِبُ الْإِحْرَامَ، فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ وَجَبَ قَضَاؤُهُ، كَالْمَنْذُورِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِتَحِيَّةِ الْبُقْعَةِ، فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ سَقَطَ، كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ. فَإِنْ قِيلَ: تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ. قُلْنَا: إلَّا أَنَّ النَّوَافِلَ الْمُرَتَّبَاتِ تُقْضَى، وَإِنَّمَا سَقَطَ الْقَضَاءُ لِمَا ذَكَرْنَا، فَأَمَّا إنْ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَرَجَعَ وَلَمْ يَدْخُلْ الْحَرَمَ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، سَوَاءٌ أَرَادَ النُّسُكَ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست