responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 253
وَلَنَا، أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بِمُوجِبِ هَذَا الْإِحْرَامِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ، كَبَقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ، وَكَجَزَاءِ الصَّيْدِ.

[فَصْل الْمُجَاوِز لِلْمِيقَاتِ مِمَّنْ لَا يُرِيد النُّسُك]
(2279) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْمُجَاوِزُ لِلْمِيقَاتِ، مِمَّنْ لَا يُرِيدُ النُّسُكَ، فَعَلَى قِسْمَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يُرِيدُ دُخُولَ الْحَرَمِ، بَلْ يُرِيدُ حَاجَةً فِيمَا سِوَاهُ، فَهَذَا لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ الْإِحْرَامِ، وَقَدْ أَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ بَدْرًا مَرَّتَيْنِ، وَكَانُوا يُسَافِرُونَ لِلْجِهَادِ وَغَيْرِهِ، فَيَمُرُّونَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَلَا يُحْرِمُونَ، وَلَا يَرَوْنَ بِذَلِكَ بَأْسًا. ثُمَّ مَتَى بَدَا لِهَذَا الْإِحْرَامُ، وَتُجَدَّدَ لَهُ الْعَزْمُ عَلَيْهِ، أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ.
وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَحْمَدَ، فِي الرَّجُلِ يَخْرُجُ لِحَاجَةٍ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ، فَجَاوَزَ ذَا الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ أَرَادَ الْحَجَّ، يَرْجِعُ إلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ، فَيُحْرِمُ. وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ. وَلِأَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ، فَلَزِمَهُ الدَّمُ، كَاَلَّذِي يُرِيدُ دُخُولَ الْحَرَمِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَكَلَامُ أَحْمَدَ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ يُجَاوِزُ الْمِيقَاتَ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَهُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ كَانَ يُرِيدُ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً» . وَلِأَنَّهُ حَصَلَ دُونَ الْمِيقَاتِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ. فَكَانَ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ، كَأَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ.
وَلِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يُفْضِي إلَى أَنَّ مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ، إذَا خَرَجَ إلَى الْمِيقَاتِ، ثُمَّ عَادَ إلَى مَنْزِلِهِ، وَأَرَادَ الْإِحْرَامَ، لَزِمَهُ الْخُرُوجُ إلَى الْمِيقَاتِ، وَلَا قَائِلَ بِهِ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ، فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ) .
الْقِسْمُ الثَّانِي، مَنْ يُرِيدُ دُخُولَ الْحَرَمِ، إمَّا إلَى مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا، فَهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ؛ أَحَدُهَا، مَنْ يَدْخُلُهَا لِقِتَالٍ مُبَاحٍ، أَوْ مِنْ خَوْفٍ، أَوْ لِحَاجَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ، كَالْحَشَّاشِ، وَالْحَطَّابِ، وَنَاقِلِ الْمِيرَةِ وَالْفَيْحِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ ضَيْعَةٌ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ وَخُرُوجُهُ إلَيْهَا، فَهَؤُلَاءِ لَا إحْرَامَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ مَكَّةَ حَلَالًا وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ، وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنْهُمْ أَحْرَمَ يَوْمَئِذٍ، وَلَوْ أَوْجَبْنَا الْإِحْرَامَ عَلَى كُلِّ مَنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ، أَفْضَى إلَى أَنْ يَكُونَ جَمِيعَ زَمَانِهِ مُحْرِمًا، فَسَقَطَ لِلْحَرَجِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ لَأَحَدٍ دُخُولُ الْحَرَمِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، إلَّا مَنْ كَانَ دُونَ الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُجَاوِزُ الْمِيقَاتَ مُرِيدًا لِلْحَرَمِ، فَلَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ إحْرَامٍ كَغَيْرِهِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 253
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست