responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 230
ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ» . وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْحُكْمِ. وَلِأَنَّهَا أَنْشَأَتْ سَفَرًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ؛ فَلَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، كَحَجِّ التَّطَوُّعِ.
وَحَدِيثُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الرَّجُلِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ اشْتَرَطُوا خُرُوجَ غَيْرِهَا مَعَهَا، فَجَعْلَ ذَلِكَ الْغَيْرَ الْمَحْرَمَ الَّذِي بَيَّنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَحَادِيثِنَا أَوْلَى مِمَّا اشْتَرَطُوهُ بِالتَّحَكُّمِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ يُوجِبُ الْحَجَّ، مَعَ كَمَالِ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ، وَلِذَلِكَ اشْتَرَطُوا تَخْلِيَةَ الطَّرِيقِ، وَإِمْكَانَ الْمَسِيرِ، وَقَضَاءَ الدَّيْنِ، وَنَفَقَةَ الْعِيَالِ، وَاشْتَرَطَ مَالِكٌ إمْكَانَ الثُّبُوتِ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَهِيَ غَيْرُ مَذْكُورَةٍ فِي الْحَدِيثِ.
وَاشْتَرَطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ شَرْطًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، لَا مِنْ كِتَابٍ وَلَا مِنْ سُنَّةٍ، فَمَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى بِالِاشْتِرَاطِ، وَلَوْ قُدِّرَ التَّعَارُضُ، فَحَدِيثُنَا أَخُصُّ وَأَصَحُّ وَأَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ، وَحَدِيثُ عَدِيٍّ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ السَّفَرِ، لَا عَلَى جَوَازِهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ فِي غَيْرِ الْحَجِّ الْمَفْرُوضِ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ خُرُوجُ غَيْرِهَا مَعَهَا، وَقَدْ اشْتَرَطُوا هَاهُنَا خُرُوجَ غَيْرِهَا مَعَهَا.
وَأَمَّا الْأَسِيرَةُ إذَا تَخَلَّصَتْ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ، فَإِنَّ سَفَرَهَا سَفَرُ ضَرُورَةٍ، لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ حَالَةُ الِاخْتِيَارِ، وَلِذَلِكَ تَخْرُجُ فِيهِ وَحْدَهَا؛ وَلِأَنَّهَا تَدْفَعُ ضَرَرًا مُتَيَقَّنًا بِتَحَمُّلِ الضَّرَرِ الْمُتَوَهَّمِ، فَلَا يَلْزَمُ تَحَمُّلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ أَصْلًا.

[فَصْل الْمُحْرِم لِلْمَرْأَةِ فِي الْحَجّ]
(2233) فَصْلٌ: وَالْمَحْرَمُ زَوْجُهَا، أَوْ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ، بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ مُبَاحٍ، كَأَبِيهَا وَابْنِهَا وَأَخِيهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رِضَاعٍ؛ لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، إلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا أَوْ ابْنُهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ أَحْمَدُ: وَيَكُونُ زَوْجُ أُمِّ الْمَرْأَةِ مَحْرَمًا لَهَا يَحُجُّ بِهَا، وَيُسَافِرُ الرَّجُلُ مَعَ أُمِّ وَلَدِ جَدِّهِ، فَإِذَا كَانَ أَخُوهَا مِنْ الرِّضَاعَةِ خَرَجَتْ مَعَهُ.
وَقَالَ فِي أُمِّ امْرَأَتِهِ: وَيَكُونُ مَحْرَمًا لَهَا فِي حَجِّ الْفَرْضِ، دُونَ غَيْرِهِ. قَالَ الْأَثْرَمُ: كَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ فِي قَوْلِهِ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31] . الْآيَةَ. فَأَمَّا مَنْ تَحِلُّ لَهُ فِي حَالٍ، كَعَبْدِهَا، وَزَوْجِ أُخْتِهَا، فَلَيْسَا بِمَحْرَمٍ لَهَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَأْمُونَيْنِ عَلَيْهَا، وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمَا عَلَى التَّأْبِيدِ، فَهُمَا كَالْأَجْنَبِيِّ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «سَفَرُ الْمَرْأَةِ مَعَ عَبْدِهَا ضَيْعَةٌ» . أَخْرَجَهُ سَعِيدٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: عَبْدُهَا مَحْرَمٌ لَهَا؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا، فَكَانَ مَحْرَمًا لَهَا، كَذِي رَحِمِهَا. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَيُفَارِقُ ذَا الرَّحِمِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ عَلَيْهَا، وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَيَنْتَقِضُ مَا ذَكَرُوهُ بِالْقَوَاعِدِ مِنْ النِّسَاءِ، وَغَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ.
وَأَمَّا أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، أَوْ الْمَزْنِيُّ بِهَا، أَوْ ابْنَتُهُمَا، فَلَيْسَ بِمَحْرَمٍ لَهُمَا؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُمَا بِسَبَبٍ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست