responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 215
لَا مَانِعَ فِيهَا، بَعِيدَةً كَانَتْ أَوْ قَرِيبَةً، بَرًّا كَانَ أَوْ بَحْرًا، إذَا كَانَ الْغَالِبُ السَّلَامَةَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغَالِبُ السَّلَامَةَ، لَمْ يَلْزَمْهُ سُلُوكُهُ، فَإِنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ عَدُوٌّ يَطْلُبُ خَفَارَةً، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَلْزَمُهُ السَّعْيُ، وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً؛ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ، فَلَا يَلْزَمُ بَذْلُهَا فِي الْعِبَادَةِ، كَالْكَبِيرَةِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُجْحِفُ بِمَالِهِ، لَزِمَهُ الْحَجُّ؛ لِأَنَّهَا غَرَامَةٌ يَقِفُ إمْكَانُ الْحَجِّ عَلَى بَذْلِهَا، فَلَمْ يَمْنَعْ الْوُجُوبَ مَعَ إمْكَانِ بَذْلِهَا، كَثَمَنِ الْمَاءِ وَعَلَفِ الْبَهَائِمِ. (2201)
فَصْلٌ: وَالِاسْتِطَاعَةُ الْمُشْتَرَطَةُ مِلْكُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هِيَ الصِّحَّةُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: إنْ كَانَ شَابًّا فَلْيُؤَاجِرْ نَفْسَهُ بِأَكْلِهِ وَعَقِبِهِ، حَتَّى يَقْضِيَ نُسُكَهُ.
وَعَنْ مَالِكٍ: إنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ، وَعَادَتُهُ سُؤَالُ النَّاسِ، لَزِمَهُ الْحَجُّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الِاسْتِطَاعَةُ فِي حَقِّهِ، فَهُوَ كَوَاجِدِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ.
وَلَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَّرَ الِاسْتِطَاعَةَ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى تَفْسِيرِهِ، فَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَنَسٍ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُئِلَ مَا السَّبِيلُ؟ قَالَ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ.» وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يُوجِبُ الْحَجَّ؟ قَالَ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ.» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] «قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا السَّبِيلُ؟ قَالَ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ» . وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِقَطْعِ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ، فَاشْتُرِطَ لِوُجُوبِهَا الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ، كَالْجِهَادِ، وَمَا ذَكَرُوهُ لَيْسَ بِاسْتِطَاعَةٍ، فَإِنَّهُ شَاقٌّ، وَإِنْ كَانَ عَادَةً، وَالِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ الْأَحْوَالِ دُونَ خُصُوصِهَا، كَمَا أَنَّ رُخَصَ السَّفَرِ تَعُمُّ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ.

[فَصْل لَا يَلْزَمهُ الْحَجّ بِبَذْلِ غَيْره لَهُ]
(2202) فَصْلٌ: وَلَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِبَذْلِ غَيْرِهِ لَهُ، وَلَا يَصِيرُ مُسْتَطِيعًا بِذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَاذِلُ قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَسَوَاءٌ بَذَلَ لَهُ الرُّكُوبَ وَالزَّادَ، أَوْ بَذَلَ لَهُ مَالًا. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إذَا بَذَلَ لَهُ وَلَدَهُ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ الْحَجِّ، لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ الْحَجُّ مِنْ غَيْرِ مِنَّةٍ تَلْزَمُهُ، وَلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ، فَلَزِمَهُ الْحَجُّ، كَمَا لَوْ مَلَكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست