responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 197
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَلَا كَفَّارَةَ بِالْوَطْءِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَقَوْلُ عَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَمَالِكٍ، وَأَهْلِ الْعِرَاقِ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَهْلِ الشَّامِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ.
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةً. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ يُفْسِدُهَا الْوَطْءُ لِعَيْنِهِ، فَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ فِيهَا، كَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ.
وَلَنَا، أَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا تَجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ، فَلَمْ تَجِبْ بِإِفْسَادِهَا كَفَّارَةٌ، كَالنَّوَافِلِ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يَدْخُلُ الْمَالُ فِي جُبْرَانِهَا، فَلَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِهَا، كَالصَّلَاةِ، وَلِأَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالشَّرْعِ، وَلَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِإِيجَابِهَا، فَتَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ.
وَمَا ذَكَرُوهُ يَنْتَقِضُ بِالصَّلَاةِ وَصَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ. وَالْقِيَاسُ عَلَى الْحَجِّ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُبَايِنٌ لِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَلِهَذَا يَمْضِي فِي فَاسِدِهِ، وَيَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَيَجِبُ بِالْوَطْءِ فِيهِ بَدَنَةٌ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ. وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ هَاهُنَا بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ، لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ بَدَنَةً؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْفَرْعِ يَثْبُتُ عَلَى صِفَةِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ، إذْ كَانَ الْقِيَاسُ إنَّمَا هُوَ تَوْسِعَةُ مَجْرَى الْحُكْمِ فَيَصِيرُ النَّصُّ الْوَارِدُ فِي الْأَصْلِ وَارِدًا فِي الْفَرْعِ، فَيَثْبُتُ فِيهِ الْحُكْمُ الثَّابِتُ فِي الْأَصْلِ بِعَيْنِهِ. وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الصَّوْمِ، فَهُوَ دَالٌّ عَلَى نَفْيِ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ كُلَّهُ لَا يَجِبُ بِالْوَطْءِ فِيهِ كَفَّارَةٌ سِوَى رَمَضَانَ، وَالِاعْتِكَافُ أَشْبَهُ بِغَيْرِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ نَافِلَةٌ لَا يَجِبُ إلَّا بِالنَّذْرِ، ثُمَّ لَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى رَمَضَانَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِيهِ إنَّمَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ لِحُرْمَةِ الزَّمَانِ، وَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مِنْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ، وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْ بِهِ صَوْمًا.
وَاخْتَلَفَ مُوجِبُو الْكَفَّارَةِ فِيهَا، فَقَالَ الْقَاضِي: يَجِبُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ؛ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَصَابَ فِي اعْتِكَافِهِ، فَهُوَ كَهَيْئَةِ الْمَظَاهِرِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إذَا كَانَ نَهَارًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ ذَلِكَ فِي النَّهَارِ لِأَجْلِ الصَّوْمِ، وَلَوْ كَانَ لِمُجَرَّدِ الِاعْتِكَافِ لَمَا اخْتَصَّ الْوُجُوبُ بِالنَّهَارِ، كَمَا لَمْ يَخْتَصَّ الْفَسَادُ بِهِ.
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ. وَلَمْ أَرَ هَذَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي كِتَابِ (الشَّافِي) ، وَلَعَلَّ أَبَا بَكْرٍ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ كَفَّارَةً فِي مَوْضِعٍ تَضَمَّنَ الْإِفْسَادُ الْإِخْلَالَ بِالنَّذْرِ، فَوَجَبَتْ لِمُخَالَفَتِهِ نَذْرَهُ، وَهِيَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَأَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ، وَلَيْسَ هَاهُنَا نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ، فَإِنَّ نَظِيرَ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست