responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 153
فَأَمَّا حَدِيثُهُمْ فَهُوَ فِي النَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ، كَذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «قَالَتْ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، فَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ: أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّك دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكَ عَنْهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: فَصُومِي عَنْ أُمِّك» .
وَقَالَتْ عَائِشَةُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ كَقَوْلِنَا، وَهُمَا رَاوِيَا حَدِيثِهِمْ، فَدَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.

[فَصْلُ صَوْمُ النَّذْرِ]
(2085) فَصْلٌ: فَأَمَّا صَوْمُ النَّذْرِ فَيَفْعَلُهُ الْوَلِيُّ عَنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاللَّيْثِ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَالَ سَائِرُ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الْفُقَهَاءِ: يُطْعِمُ عَنْهُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ. وَلَنَا الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي رَوَيْنَاهَا قَبْلَ هَذَا، وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ، وَفِيهَا غُنْيَةً عَنْ كُلِّ قَوْلٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّذْرِ وَغَيْرِهِ أَنَّ النِّيَابَةَ تَدْخُلُ الْعِبَادَةَ بِحَسَبِ خِفَّتِهَا، وَالنَّذْرُ أَخَفُّ حُكْمًا؛ لِكَوْنِهِ لَمْ يَجِبْ بِأَصْلِ الشَّرْعِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ النَّاذِرُ عَلَى نَفْسِهِ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ قَضَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِهِ إنْ كَانَتْ لَهُ تَرِكَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ، فَلَا شَيْءَ عَلَى وَارِثِهِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقْضَى عَنْهُ، لِتَفْرِيغِ ذِمَّتِهِ، وَفَكِّ رِهَانِهِ، كَذَلِكَ هَاهُنَا، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْوَلِيِّ، بَلْ كُلُّ مَنْ صَامَ عَنْهُ قَضَى ذَلِكَ عَنْهُ، وَأَجْزَأَ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، فَأَشْبَهَ قَضَاءَ الدَّيْنِ عَنْهُ.

[مَسْأَلَةُ لَمْ تَمُتْ الْمُفَرِّطَةُ فِي الْقَضَاء حَتَّى أَظَلَّهَا شَهْرُ رَمَضَانَ آخَرُ]
(2086) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِنْ لَمْ تَمُتْ الْمُفَرِّطَةُ حَتَّى أَظَلَّهَا شَهْرُ رَمَضَانَ آخَرَ، صَامَتْهُ، ثُمَّ قَضَتْ مَا كَانَ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَطْعَمَتْ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ فِي الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ، إذَا فَرَّطَا فِي الْقَضَاءِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ صَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، فَلَهُ تَأْخِيرُهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ رَمَضَانُ آخَرُ؛ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصِّيَامُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَمَا أَقْضِيه حَتَّى يَجِيءَ شَعْبَانُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمْ تُؤَخِّرْهُ إلَى ذَلِكَ، وَلَوْ أَمْكَنَهَا لَأَخَّرَتْهُ، وَلِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ، فَلَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ، كَالصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ. فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ رَمَضَانَ آخَرَ نَظَرْنَا؛ فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْقَضَاءُ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ إطْعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ. وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ،

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست