responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 142
مِنْ الْبُرِّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، وَمِنْ غَيْرِهِ صَاعٌ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ: «فَأَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يُطْعِمُ مَدًّا مِنْ أَيِّ الْأَنْوَاعِ شَاءَ. وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، فِي حَدِيثِ الْمُجَامِعِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِمِكْتَلٍ مِنْ تَمْرٍ، قَدْرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، فَقَالَ: «خُذْ هَذَا، فَأُطْعِمْهُ عَنْك» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلَنَا مَا رَوَى أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدَنِيِّ قَالَ: «جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي بَيَاضَةَ بِنِصْفِ وَسْقٍ شَعِيرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُظَاهِرِ: أَطْعِمْ هَذَا، فَإِنَّ مُدَّيْ شَعِيرٍ مَكَانَ مُدِّ بُرٍّ» . وَلِأَنَّ فِدْيَةَ الْأَذَى نِصْفُ صَاعٍ مِنْ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، بِلَا خِلَافٍ، فَكَذَا هَذَا.
وَالْمُدُّ مِنْ الْبُرِّ يَقُومُ مَقَامَ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ، بِدَلِيلِ حَدِيثِنَا، وَلِأَنَّ الْإِجْزَاءَ بِمُدٍّ مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ. وَأَمَّا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ، فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَحَدِيثُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاصِرًا عَنْ الْوَاجِبِ، فَاجْتُزِئَ بِهِ لِعَجْزِ الْمُكَفِّرِ عَمَّا سِوَاهُ.

[فَصْلُ أَخْرَجَ مِنْ الدَّقِيقِ أَوْ السَّوِيقِ كَفَّارَة الْإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ]
(2066) فَصْلٌ: فَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ الدَّقِيقِ أَوْ السَّوِيقِ أَجْزَأَ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ. وَإِنْ غَدَّى الْمَسَاكِينَ أَوْ عَشَّاهُمْ، لَمْ يُجْزِئْهُ، فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَدَّرَ مَا يُجْزِئُ فِي الدَّفْعِ بِمُدٍّ أَوْ نِصْفِ صَاعٍ، وَإِذَا أَطْعَمَهُمْ لَا يَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ اسْتَوْفَى الْوَاجِبَ لَهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَ قَدْرَ مَا يُطْعَمُهُ كُلُّ مِسْكِينٍ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحَادِيثِ، وَهِيَ مُقَيِّدَةٌ لِمُطْلَقِ الْإِطْعَامِ الْمَذْكُورِ، وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَلَا يُعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مِسْكِينٍ اسْتَوْفَى مَا يَجِبُ لَهُ، وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ تَمْلِيكُ الْمِسْكِينِ طَعَامَهُ، وَالْإِطْعَامُ إبَاحَةٌ، وَلَيْسَ بِتَمْلِيكٍ.
فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ إنْ أَفْرَدَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ قَدْرَ الْوَاجِبِ لَهُ، فَأَطْعَمَهُ إيَّاهُ، نَظَرْت؛ فَإِنْ قَالَ: هَذَا لَك تَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شِئْتَ. أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَّكَهُ إيَّاهُ. وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئًا، احْتَمَلَ أَنْ يُجْزِئَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَطْعَمَهُ مَا يَجِبُ لَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ مَلَّكَهُ، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلَّكْهُ إيَّاهُ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست