responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 129
الثَّانِي، أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ إنْزَالُ الْمَنِيِّ، فَيَفْسُدُ الصَّوْمُ فِي قَوْلِ إمَامِنَا، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالْحَسَنِ بْن صَالِحٍ. وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ إنْزَالٌ عَنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ، أَشْبَهَ الْإِنْزَالَ بِالْفِكْرِ.
وَلَنَا أَنَّهُ إنْزَالٌ بِفِعْلٍ يَتَلَذَّذُ بِهِ، وَيُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، فَأَفْسَدَ الصَّوْمَ، كَالْإِنْزَالِ بِاللَّمْسِ، وَالْفِكْرُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، بِخِلَافِ تَكْرَارِ النَّظَرِ. الثَّالِثُ: مَذْي بِتَكْرَارِ النَّظَرِ. فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي الْفِطْرِ، وَلَا يُمْكِنْ قِيَاسُهُ عَلَى إنْزَالِ الْمَنِيِّ، لِمُخَالَفَتِهِ إيَّاهُ فِي الْأَحْكَامِ، فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ. فَأَمَّا إنْ نَظَرَ فَصَرَفَ بَصَرَهُ، لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ، سَوَاءٌ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ أَنْزَلَ فَسَدَ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ أَنْزَلَ بِالنَّظَرِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَرَّرَهُ. وَلَنَا أَنَّ النَّظْرَةَ الْأُولَى لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا، فَلَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ مَا أَفْضَتْ إلَيْهِ، كَالْفِكْرَةِ، وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ التَّكْرَارُ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ تَكْرَارَ النَّظَرِ مَكْرُوهٌ لِمَنْ يُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ، غَيْرُ مَكْرُوهٍ لِمَنْ لَا يُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ، كَالْقُبْلَةِ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُكْرَهَ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ إفْضَاءَهُ إلَى الْإِنْزَالِ الْمُفْطِرِ بَعِيدٌ جِدًّا، بِخِلَافِ الْقُبْلَةِ، فَإِنَّ حُصُولَ الْمَذْيِ بِهَا لَيْسَ بِبَعِيدٍ.

[فَصْلُ إنْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ]
(2035) فَصْلٌ: فَإِنْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ، لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ، أَنَّهُ يَفْسُدُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ؛ لِأَنَّ الْفِكْرَةَ تُسْتَحْضَرُ، فَتَدْخُلُ تَحْتَ الِاخْتِيَارِ، بِدَلِيلِ تَأْثِيمِ صَاحِبِهَا فِي مُسَاكَنَتِهَا، فِي بِدْعَةٍ وَكُفْرٍ، وَمَدَحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الَّذِينَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ التَّفَكُّرِ فِي ذَاتِ اللَّهِ، وَأَمَرَ بِالتَّفَكُّرِ فِي آلَائِهِ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ ذَلِكَ بِهَا، كَالِاحْتِلَامِ. فَأَمَّا إنْ خَطَرَ بِقَلْبِهِ صُورَةُ الْفِعْلِ، فَأَنْزَلَ، لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّ الْخَاطِرَ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ.
وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ، وَمَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ» . وَلِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي الْفِطْرِ بِهِ وَلَا إجْمَاعَ، وَلَا يُمْكِنُ قِيَاسُهُ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ، وَلَا تَكْرَارِ النَّظَرِ، لِأَنَّهُ دُونَهُمَا فِي اسْتِدْعَاءِ الشَّهْوَةِ، وَإِفْضَائِهِ إلَى الْإِنْزَالِ، وَيُخَالِفُهُمَا فِي التَّحْرِيمِ إذَا تَعَلَّقَ ذَلِكَ بِأَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ فِي زَوْجَةٍ، فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست